للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وزعموا أن سبب تسميتها بالبردة أنَّ صاحبها ألقاها أمام النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فألقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بردته كما ألقاها على كعب بن زهير رضي الله عنه يقظة، مع أن قصة كعب بن زهير هذه لم تثبت بإسناد صحيح، وزعموا أنه كان مريضاً بالفالج فشفي بها ولذلك سميت بالبُرْءَة (١) ، وبلغ غلوُّهم فيها أن زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم شاركه في نظمها وأنه كان يتمايل عند سماعها فلما انتهى الناظم إلى قوله:

فمبلغُ العلمِ فيه أنه بشرٌ..... توقف! فأضاف النبي صلى الله عليه وسلم: وأنه خيرُ خلقِ الله كلهمِ (٢) .

هذه القصيدة انتقدها كثيرٌ من أهل العلم (٣) في أبيات معينة تعدُّ من أكثر الأبيات غلواً عندهم، ودافع عنها آخرون وردُّوا ما وُجِّه إليها من نقد، معلِّلين كل بيت منتَقد فيها بما ينفي علة النقد، ومن هذه الأبيات المنتقدة التي دافع عنها أتباع البوصيري وزعموا أن منتقديها لم يدركوا مراده، قوله:

إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي ... فضلاً وإلا فقل يا زلَّةَ القدمِ

وقوله:

يا أكرمَ الخلق مالي من ألوذُ به ... سواكَ عند حلولِ الحادثِ العمَِمِ

وقوله:

فإنَّ من جودك الدنيا وضرَّتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم


(١) انظر (حاشية الباجوري على البردة) (ص٤) وغيرها، وهذا مما أطبقت عليه كتبهم، لكن منهم من يقول لفه ببردته، ومنهم من يقول ألقاها عليه.
(٢) انظر لذلك: مقدمة (بردة المديح المباركة) (ص١٥) و (العمدة في إعراب البردة) (ص١٩)
(٣) من هؤلاء: علامة اليمن محمد بن علي الشوكاني في (الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد) (ص٥٩) ، وعلامة العراق محمود شكري الآلوسي في (غاية الأماني في الرد على النبهاني) (٢/٣٤٩) ، وعدد من علماء نجد، وكثير من المعاصرين.

<<  <   >  >>