للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالم المولى أبي السعود الكواكبي فلما صار مفتياً جعله أمين الفتوي شركة مع الشيخ إبراهيم البخشي وكان حفظ القرآن أولاً على الشيخ عامر المصري نزيل الحلاوية وقرأ التفسير علي الكواكبي أحمد المذكور والفقه على الشيخ مصطفى الحفسرجاوي والعربية والصرف على الشيخ سليمان النحوي وكان فقيهاً حافظاً ذا صوت حسن شجي خطاطاً وقل أن تجتمع هذه المحاسن في عالم وكان أبوه عامياً فقيراً صباغاً نشأ المترجم في الفقر الحالك المهلك وكان يحث مخاديم أصحابه على اكتساب الكمالات ويخبرهم عن نفسه إنه كان فقيراً جداً لا يملك شيئاً وإنه من احتياجه لا تصل يده إلى شراء ورق لتعلم الكتابة فكان يأخذ ألواح الغنم من عند القصاب ويفركها بالرماد لتزول الزهومة منها ويكتب عليها ويأخذ أوراق البن فيلصقها ويصقلها ويتعلم الكتابة بها فحسن خطه وصار ينسخ بالأجرة ويأخذ على الكراس الربعي قرشاً لجودة خط واتساق سطوره فانتعش حاله ثم ارتحل من محلته إلى محلة باحسينا وسكن في جوار بقية الكرام الشيخ أحمد العلبي فاعتنى به وأسكنه داراً من دوره وزوجه ثم انحلت خطابة الفرمانية فوجهها إليه مع الاقامة لكون تولية جامع الفرمانية مشروطة على بني العلبي واستقام حاله وقطن في حجرة داخل الجامع المذكور يقري وينسخ ولازم صحبة العلبي المذكور وصار لا يكاد أن يفارقه فإن المترجم كان خفيف الروح دمث الأخلاق مزاحاً صغير الجثة جداً بحيث إنه كان إذا وقف في المنبر لا يرى منه سوى العمامة فاستقام بجوار المذكور إلى أن مات فارتحل المترجم إلى محلته الأصلية ثم انحلت خطابة الخسروية فوجهها له العلامة أبو السعود الكواكبي المذكور آنفاً وكان له المعرفة التامة في الوعظ مع جهارة الصوت وكان يعظ في جامع قسطل الحرامي وكانت له بقعة تدريس في الجامع الأموي بحلب وكانت وفاته في أوائل سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف فجأة بالقرب من باب النصر بحلب سقط عن ظهر البغلة ميتاً ودفن بمقبرة جب النور بمحلة الشريعتلي رحمه الله تعالى شريعتلي محله سي أوله جق.

[عبد اللطيف الأطاسي]

عبد اللطيف بن علي المعروف كأسلافه بالأطاسي الحنفي الحمصي كان أحد الأفاضل الأدباء المتفوقين حصل في الأدب رتبة ونالها وكان له من العلم القدح المعلى ومع ذلك يجنح إلى فنون أخر وعلوم كالكيمياء والأوفاق وغير ذلك من الفنون الغريبة ويتعاطى ذلك وكانت له القصائد الفرائد والأشعار الحسنة فمما وصلني من شعره قوله من قصيدة امتدح بها شيخ الاسلام مفتي الدولة بشمقجي زاده المولى السيد عبد الله حين عوده من الحج ومطلعها عبد الله أفندي سلفه محمد أفندي وخلفه أبو الخير أحمد أفندي.

<<  <  ج: ص:  >  >>