للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خمسة وعشرين سنة بلا طلب بل ألزمه فيها شيخه الخليلي المتقدم وأهل القدس لحسن اطلاعه على فروع المذهب وله فتاوي في مجلد حسنة مجموعة محبوكة مستحسنة فأقلامه تنثر جواهر الدرر ويراعه يجري بلطائف الغرر وله رسائل كلها منتخبة فوائدها ظرائف مستعذبه منها رسالة كبيرة في سيدنا موسى الكليم عليه السلام وله نظم متوسط فمنه قصيدة أنشدها حين توجه مع جملة من الفضلاء صحبة الشيخ محمد الخليلي إلى زيارة سيدنا موسى عليه السلام وأخذوا كتاب الامام مسلم وقرأوه هناك.

وهي قوله

هلموا بنا يا سادة الوقت والعصر ... إلى سفح غور القدس من شرقه نسري

نشاهد أسراراً وروحاً وراحة ... ونزداد خيراً من حمى عالي القدر

فليس لنا من دهرنا وزماننا ... ليالي وصل دون قطع ولا هجر

سوى مدة في روضة مستطابة ... عليها جلال رائق في ربا الزهر

فهي لكليم الله نوراً وهيبة ... وأمناً وأنواراً تلوح مع الفجر

فكم نالنا من فضله وكماله ... لطائف أسرار تجل عن الحصر

لقد كان من فوق السموات راحماً ... لأمة خير الخلق طه النبي الطهر

فكان رسول الله ليلة أن سرى ... إلى ربه ذي العرش والعز والنصر

يناجيه في أمر الفريضة يالها ... مناجاة محبوب بلطف مع البشر

فناداه بالخمسين قد صار أمرنا ... على الخلق فأمضى يا رسول ذوي القدر

فجاء إلى موسى بن عمران مسرعاً ... وأخبره بالفرض من عالم الأمر

فقال له ارجع يا حبيباً مجيباً ... وسل ربك التخفيف يا مخجل البدر

فإني بلوت الخلق يا خير مرسل ... بما فرض الله الكريم من الذكر

فما صبروا بل بدلوه وغيروا ... فباؤا بآثام من الله والوزر

وامتك الغر الكرام ضعيفة ... تقصر في الخمسين من شدة الأصر

إلى آخرها وهي طويلة وكان ديدنه التقشف في الملبس والتخشن في المأكل عما عليه الناس من حب التزين مهاباً صادعاً بالحق طارحاً للتكليف لم تتعلق نفسه بدر ولا صدف منزوياً عن حكام السياسة مغتنماً لأوقاته له حظ وافر من قيام الليل لا يتركه وكان مقيماً في المسجد الأقصى ليلاً ونهاراً وهو من الذين هم عن اللغو معرضون وكانت وفاته في سنة أربع وخمسين ومائة وألف وقد جاوز السبعين

<<  <  ج: ص:  >  >>