للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسول، ولكل منهم أمر، للمرسل الإرسال، وللرسول التبليغ، وللمرسل إليه القبول والتسليم)) (١) .

قلت: بقي أمر رابع، وهو الرسالة التي يرسل بها الرسول، وهي أوامر الله ونواهيه وحكمه لمن أرسل إليهم، أما الإرسال فهو تكليف الرسول بالرسالة، واكتفى عن ذلك بقوله: ((وللمرسل إليه القبول والتسليم)) ؛ لأن القبول والتسليم يكون للرسالة.

قال ابن جرير: ((أمر الله نبيه بإبلاغ أهل الكتاب والمشركين ما أنزل الله عليه فيهم، من معايبهم، وما أمرهم به، ونهاهم عنه، وأن لا يشعر نفسه حذراً منهم أن يصيبوه بمكروه إذا قام فيهم بأمر الله، وأن لا يتقي إلا الله، فإنه كافيه كل أحد، ودافع عنه كل مكروه.

وأعلمه أنه إن قصر عن إبلاغ شيء مما أنزله إليه فيهم فهو من عظيم ما ارتكب من الذنب، بمنزلة ما لو لم يبلغ من الرسالة شيئا)) ثم روى عن ابن عباس: ((إن كتمت آية مما أنزل عليك من ربك لم تبلغ رسالاتي)) (٢) .

ومقصوده بهذا الباب: أن إبلاغ الرسالة من الرسول فعل له يثيبه الله عليه، وأن الكلام الذي جاء به يبلغه صفة لربه، وأنه ليس فيما بلغه ما يدل على قول الذين يقولون بخلقه، أو خلق شيء منه.

قال في ((خلق أفعال العباد)) ، بعد ما ذكر قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا رجل يحملني إلى قومه؟ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي)) .

فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الإبلاغ منه، وأن كلام الله من ربه، ولم يذكر عن أحد من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان خلاف ما وصفنا، وهم


(١) ((شرح الكرماني)) للبخاري (٢٥/٢٢١) .
(٢) ((تفسير الطبري)) (١٠/٤٦٧) ملخصا.

<<  <  ج: ص:  >  >>