للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو اللوح المحفوظ، أو المصحف، فكما أن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه حروف القرآن لا يمسه إلا بدن طاهر، فكذلك معاني القرآن لا يذوقها إلا القلب الطاهر، وهو قلب المتقي. وهذا قول طائفة من السلف)) (١) .

((والصحيح أنه يجب الوضوء لمس المصحف، وهو مذهب الأئمة الأربعة؛ لما في الكتاب الذي كتبه النبي – صلى الله عليه وسلم – لعمرو بن حزم، وفيه ((وأن لا يمس القرآن إلا طاهر)) . وقال الإمام أحمد: لا شك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كتبه له. وهذا هو المعروف عن الصحابة، سعد، وسلمان، وابن عمر)) (٢) .

واختلف أقوال السلف في المراد بالكتاب، وبالمطهرين: فقيل: الكتاب هو: ما بأيدي الملائكة، كما في قوله تعالى: {فَمَن شَاء ذَكَرَهُ {١٢} فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ {١٣} مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ {١٤} بِأَيْدِي سَفَرَةٍ {١٥} كِرَامٍ بَرَرَةٍ} ، وهذا اختيار الإمام مالك، فعلى هذا يكون المراد بالمطهرين: الملائكة.

وقيل: المراد بالكتاب: المصحف الذي كتب فيه القرآن. وقال القرطبي: وهو الأظهر، واستدل بما في كتابه – صلى الله عليه وسلم – لعمرو بن حزم، وبحديث ابن عمر: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (لا تمس القرآن إلى وأنت طاهر)) وبقول أخت عمر له، لما دعا بالصحيفة قبل أن يسلم: ((لا يمسه إلا المطهرون)) (٣) .

وقال ابن كثير: ((وقال آخرون: {لاَّ يَمَسُهُ إِلا المُطَهَّرُونَ} من الجنابة والحدث، فلفظ الآية خبر، ومعناها الطلب)) .

والمراد بالقرآن ها هنا: المصحف، كما روى مسلم، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن يناله العدو)) . واحتجوا


(١) ((مجموع الفتاوى)) (١٣/٢٤٢) .
(٢) المرجع قبله (٢١/٢٨٨، ٢٦٦) ببعض التصرف.
(٣) انظر تفسير القرطبي (١٧/٢٢٥- ٢٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>