للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في ((الصحيح)) : ((باب من قال: إن الإيمان هو العمل؛ لقول الله -تعالى -: {وَتِلكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثتُمُوهَا بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ} ، وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى: {فَوَرَبِكَ لَنَسئلَنَّهُم أَجمَعِينَ {٩٢} عَمَا كَانُواْ يَعمَلُونَ} : عن قول: لا إله إلا الله. ثم ذكر حديث أبي هريرة الآتي.

وإطلاق العمل على الإيمان، وكون الإيمان يشمل التصديق، والقول، والعمل، الأدلة عليه كثيرة، وكلام السلف فيه كثير واضح، والخلاف فيه واقع من أهل البدع، كالمرجئة من الجهمية وغيرهم.

قال: ((قال أبو ذر، وأبو هريرة: ((سئل النبي – صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟)) قال: ((إيمان بالله، وجهاد في سبيله)) .

ذكر حديث أبي هريرة، موصولاً في كتاب الإيمان (١) ، وفي كتاب الحج بأتم مما هنا، وذكر حديث أبي ذر في العتق، ولفظه: ((سألت النبي – صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟)) قال: ((إيمان بالله، وجهاد في سبيله)) ، قلت: ((فأي الرقاب أفضل؟)) قال: ((أغلاها ثمنا)) . وهو صريح في أن الإيمان يسمى عملاً؛ لأنه صادر من العبد، وعمل العبد مخلوق، وهذا هو مراد البخاري، وقد تقدم مراراً، الفرق بين عمل العبد، وكلام الله – تعالى – إذا قرأه العباد.

ولا يدل عطف الجهاد على الإيمان، أن الجهاد ليس منه، بل الأعمال الصالحة، المعطوفة على الإيمان، داخلة فيه، وعطفها عليه، إما من عطف الخاص على العام أو لأن الأعمال لازمة للإيمان، فإذا لم يأت بها العبد، دل ذلك على أنه ليس عنده إيمان؛ لأن انتفاء اللازم، يقتضي انتفاء الملزوم.

ولذلك صارت الأعمال، في عرف الشرع، داخلة في اسم الإيمان.


(١) انظر كتاب الإيمان من ((الصحيح)) (١/١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>