للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: يمكن إرجاع هذه الإطلاقات إلى معنى واحد، إذ كلها في الحقيقة تدور على طلب السلامة، والخلاص من الشر والأذى، وهذا ما تضمنته التحية المشروعة بين المسلمين.

فالصواب: أن السلام أسم من أسماء الله –تعالى- كما تقدم، وقد أمر المسلمون أن يفشوه فيما بينهم، فعندما يلقي المسلم على أخيه ذلك، فإنه يذكر الله –تعالى-، طالباً منه السلامة، متوسلاً إليه بذكر اسمه- تعالى- المناسب لطلبه، فكأنه يقول: أنا مسالم لك أيها الأخ محب، وداع لك، وطالب حصول البركة والخير، والسلامة من كل مؤذ، ممن يملك ذلك، متوسلاً إليه في حصول ذلك باسمه السلام.

فتضمن ذلك ثلاثة أشياء:

أحدها: ذكر اسم الله –تعالى-.

الثاني: إعلام المسلم عليه: أنه مسالم له لا يناله منه أذى.

الثالث: طلب السلامة والخير له، وبهذا يظهر أن قول من قال: إنه يطلق على التحية بين المخلوقين، أنه لا يخالف كونه اسماً من أسماء الله، أي أنه ليس قسيماً له، بل التحية الواقعة بين المؤمنين هي ذكر اسم الله –تعالى-، المطلوب به حصول السلامة، وذلك أن السائل يسأل في كل مطلوب من الله بالاسم المناسب لمطلوبه،

كما يعلم ذلك عند تأمل الأدعية الواردة في كتاب الله –تعالى-، وفي أحاديث رسوله –صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.

والصواب: أن مراد البخاري- رحمه الله تعالى- بهذه الترجمة: تنزيه الله –تعالى- عن مشابهة المخلوق، وأن اشتراكه – تعالى- مع المخلوق في الاسم، أو في معنى من المعاني، لا يكون فيه تشبيه، نحو اليد، والرجل، والاستواء، والمجيء، والضحك، والسخط، والعلم، والسمع، والبصر، وغير ذلك مما أثبته –تعالى- لنفسه، وأثبته له رسوله: لأنه –تعالى – السلام، أي: السالم من كل عيب ونقص يلحق المخلوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>