للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحاديث والآثار عن السلف في صريح الآية، والحديث المذكور في الباب، كثيرة وظاهرة جلية، لا تحتمل تأويلاً ولا تحتاج إلى تفسير، ولهذا صار تأويلها تحريفاً وإلحاداً فيها، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - ذكر ما تيسر من ذلك في باب قوله - تعالى-: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} .

وقوله: " ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ " أي: أنه -تعالى- ينفرد بالملك، فهو الملك حقاً الذي لا منازع له، ولا معاون، ولا ظهير، ولا شريك، وفي ذلك اليوم، عندما يقبض الأرض بيده، ويطوي السماوات بيمينه، ويصبح كل شيء في قبضته، ينادي الذين كانوا ينازعونه في الدنيا ملكه، ويتعدون على سلطانه، من المتكبرين، والمتجبرين، من ملوك الدنيا، وقد انفرد مالك الملك الواحد القهار، ذي

السلطان - وهو منفرد به في كل آن، غير أنه في ذلك اليوم ينكشف جلياً - فيناديهم بما يتضمن توبيخهم وتهديدهم: أين ملوك الدنيا؟ فهل يستطيعون منعاً أو رداً؟ وهل لديهم قوة أو حيلة أو فدى؟ لقد ذهب منهم كل شيء، وبقيت التبعات والذل والحسرات.

قال بعض شراح البخاري: " قوله: {مَلِكِ النَّاسِ} داخل في معنى التحيات لله، أي: الملك لله، وكأنه -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بأن يقولوا التحيات، امتثالاً لأمر {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس {١} مَلِكِ النَّاسِ} ".

ثم قال: " وفي الحديث إثبات اليمين صفة لله - تعالى -، من صفات الذات، وليست جارحة خلافاً للمجسمة" (١) .

قلت: قوله: " وليست جارحة" من كلام أهل البدع، الذين عدلوا عما جاء في الكتاب والسنة من الألفاظ إلى ما ابتدعوه من الألفاظ الموهمة للنقص -تعالى الله-، توهماً منهم أن تلك الألفاظ الواردة في كتاب الله، وسنة رسوله،


(١) "فتح الباري" (١٣/٣٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>