للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نقول لهم أيضاً: أسأتم الظن بكلام الله، وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- حيث فهمتم أن حقيقته ومدلوله أنه سبحانه هو هذا النور الواقع على الحيطان، وغيرها، وهذا الفهم الفاسد هو الذي أوجب لكم إنكار حقيقة نوره - تعالى - وجحده.

فجمعتم بين الفهم الفاسد، وإنكار المعنى الحق.

وليس ما ذكرتم هو نور الرب -تعالى- القائم به، الذي هو صفته، وإنما هو مخلوق له منفصل عنه، فإن هذه الأنوار المخلوقة، تكون في محل دون محل، فنور الشمس والقمر ينور بعض الأرض لا جملتها، ولا ينور السماوات.

فمن ادعى أن نور الشمس والقمر ونحوهما، هو المراد بقوله -تعالى-: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} (١) وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " أنت نور السماوات والأرض " فقد كذب على الله ورسوله (٢) .

قوله: " وقولك الحق " أي أنت قلته حقاً، فهو صفتك. وما قاله الله -تعالى- فهو صدق وحق، لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، لا في خبره، ولا في حكمه وتشريعه، ولا في وعده ووعيده.

وهذه الجملة هي محل الشاهد من الحديث، حيث وصف قوله -تعالى- بأنه الحق، فلا يجوز أن يكون مخلوقاً، كما تزعم الفرق الضالة من المعتزلة وغيرهم.

قال سفيان في "تفسيره": " إن كل شيء مخلوق، والقرآن ليس بمخلوق، وكلامه أعظم من خلقه؛ لأنه يقول للشيء: كن فيكون، فلا يكون شيء أعظم مما يكون به الخلق، والقرآن كلام الله" (٣) .

وقال أبو ذر - رضي الله عنه -: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " قال الله -تعالى-


(١) الآية ٣٥ من سورة النور.
(٢) هذا مقتبس من كلام شيخ الإسلام. انظر: " مجموع الفتاوى" (٦/٣٧٤) .
(٣) "خلق أفعال العباد " للبخاري (ص١٢٤) ، "مجموع عقائد السلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>