للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله -تعالى-: {مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا} (١) .

فليس المراد: أنكم تعبدون الأوثان المسماة، فهم معترفون بذلك.

بل المراد: نفي ما كانوا يعتقدونه فيها من الإلهية، والواقع أنه ليس فيها شيء من ذلك.

فإذا عبدوها معتقدين ثبوت إلاهيتها، مسمينها آلهة، لم يكونوا في حقيقة الأمر عبدوا إلا أسماء ابتدعوها، ما أنزل الله بها من سلطان، وليس فيها من معنى الإلهية شيء، فعبادتهم لما تصوروه في أنفسهم من معنى الإلهية وعبروا عنه بألسنتهم.

وهذا التصور خيالي، لا حقيقة له، فهم لم يعبدوا في الحقيقة إلا ذلك الخيال الفاسد، الذي تصوروه، وسموه إلهاً، فكان مجرد تسمية فقط، ليس له من معنى الإلهية شيء.

وأما قوله -تعالى-: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} فالمراد به، تسبيحه -تعالى- وتنزيهه عما لا يليق به، معتقداً ذلك بقلبه، متلفظاً باسمه بلسانه، قائلاً: " سبحان ربي الأعلى" والمراد المسمى بهذا الاسم، فتسبيح الاسم هو تسبيح المسمى.

ومن قال: المراد بتسبيح الاسم، أنك لا تسمي به غير الله، ولا تلحد في أسمائه، فهذا المعنى مما يستحقه اسم الله -تعالى- وهو داخل في المراد بالآية، ولكن المقصود المعنى الأول، والله أعلم.

وأما قوله -تعالى-: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} فالمعنى: أن البركة تكتسب، وتنال بذكر اسمه.


(١) الآية ٤٠ من سورة يوسف.

<<  <  ج: ص:  >  >>