للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} (١) ، دل ظاهر الخطاب أن حكم هذه المعية ومقتضاها: أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم، وهذا معنى قول السلف أنه معهم بعلمه، وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته.

وقوله: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} (٢) حق على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية: الاطلاع والنصر والتأييد، ومثل ذلك قوله {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (٣) ، وقوله: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} (٤) " (٥) ، وسيأتي لذلك بقية.

قوله: "فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي" أي: إن ذكر ربه سراً في نفسه، فإن الله -تعالى- يذكره سراً في نفسه، من غير اطلاع أحد من خلقه على ذلك.

وهذا هو محل الشاهد من الحديث، حيث أثبت النفس لله -تعالى- على ما سبق توضيحه.

قوله: "وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" الملأ: الجماعة، والمعنى: أن العبد إذا ذكر ربه ظاهراً في جماعة يسمعون ذكره لربه، فإن الله -تعالى- يذكره ويثني عليه في جماعة أفضل من الجماعة الذين ذكر العبد ربه فيهم؛ لأن الذين يذكر الله عبده فيهم في الملأ الأعلى عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.


(١) الآية ٤ من سورة الحديد.
(٢) الآية ٤٠ من سورة التوبة.
(٣) الآية ٤٦ من سورة طه.
(٤) الآية ١٢٨ من سورة النحل.
(٥) "مجموع الفتاوى" (٥/١٠٢-١٠٤) ملخصاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>