للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نقول: أيهما أولى عند الله، وعند المؤمنين، بالفهم عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: صحابته الذين عايشوه، وتربوا بين يديه، ونقلوا لنا ديننا عنه، أم الخطابي وذووه؟

ولو سلم ذلك لأمكن كل مبطل أن يقول في أي نص جاء عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- وصحابته كقولك هذا: إنه ظن وحسبان، وأن الصواب خلافه، فتبطل الشريعة كلها. تقدم ذكر الآيات الدالة صراحة على وصف الله -تعالى- باليدين.

قال أبو سعيد الدارمي – رحمه الله -: " حدثنا أحمد بن يونس، عن فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله، أنه قال: " ضحك من قول الحبر، تعجباً لما قال، وتصديقاً له" (١) .

"وقد تواتر في السنة مجيء اليد – وصفاً - لله-تعالى- فعلم من ذلك أن لله -تعالى- يدين مختصتين به، ذاتيتين له، كما يليق بجلاله، وأنه -تعالى- خلق آدم بيده دون الملائكة وإبليس، وأنه – سبحانه – يقبض الأرض، ويطوي السموات بيده اليمنى، وأن {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (٢) .

ومعنى بسطهما: بذل الجود، وسعة العطاء، لأن العطاء والجود في الغالب يكون ببسط اليد ومدها.

فإذا قيل: هو مبسوط اليد، فهم منه يد حقيقة، وكان ظاهره الجود والبذل.

وقد اعتمد أهل التأويل، في تأويلهم اليد، أنها النعمة والعطية، تسمية للشيء باسم سببه، كما يسمى المطر والنبات: سماء، ومن ذلك قولهم: لفلان عندي أياد، وقول أبي طالب لما فقد النبي –صلى الله عليه وسلم-:

يا رب رد راكبي محمداً رده عليَّ واصطنع عندي يداً

وقول عروة بن مسعود لأبي بكر يوم الحديبية: لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجبتك.

وقد تكون اليد بمعنى القدرة، تسمية للشيء باسم مسببه، لأن القدرة هي تحرك اليد، يقال: فلان له يد في كذا وكذا، أي له قدرة، ومنه قول زياد


(١) الرد على بشر المريسي (ص٤١٨) "عقائد السلف"، ورواه ابن خزيمة في "التوحيد" (٢/١٨٢) .
(٢) الآية ٦٤ من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>