للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقام، وهو وقت نصف الليل، صارت أبعد ما تكون من العرش، فحينئذ تسجد، وتستأذن في الطلوع، كما جاءت بذلك الأحاديث " ثم ذكر هذا الحديث بطرقه، ثم قال: " والقول الثاني: أن المراد بمستقرها" هو منتهى سيرها، وهو يوم القيامة، يبطل سيرها، وتسكن حركتها، وتكور، وينتهي هذا العالم إلى غايته، وهذا مستقرها الزماني" (١) .

قوله: " تستأذن في السجود، فيؤذن لها" أي: تطلب من الله الإذن في مواصلة سيرها في حالة سجودها، فيأذن الله -تعالى- لها إلى الوقت الذي تستأذن، ثم لا يؤذن لها، فتبقي في مكانها، ثم يقال لها: ارجعي من حيث جئت، فينعكس سيرها، حيث تطلع على الناس من المغرب، ولا بد أن تطلع على كل الناس من مغربها، وعند ذلك يؤمنون، ولكن لا ينفعهم إيمانهم، كما أخبر الله -تعالى- بذلك، وهذا إيذان بانقضاء هذه الدار.

قال الكرماني: " القراءة المشهورة المتواترة هي: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وقراءة عبد الله بن مسعود: ذلك مستقرها" (٢) .

هكذا قال، والذي في "البخاري": مستقر لها، ولم يقرأ بها أحد من القراء.

قال ابن كثير: " قرأ ابن مسعود، وابن عباس: (والشمس تجري لا مستقر لها) أي: لا قرار لها، ولا سكون، بل هي سائرة ليلاً ونهاراً، لا تفتر، ولا تقف" (٣) .

فعلى هذا يكون لابن مسعود فيها قراءتان، وافقه ابن عباس على إحداهما، وهما شاذتان.

وقد ذكر البخاري - رحمه الله - هذا الحديث في بدء الخلق، وفيه " فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش".


(١) "تفسير ابن كثير" (٦/٥٦٢-٥٦٣) .
(٢) الكرماني (٢٥/٦٣٣) .
(٣) "تفسير ابن كثير " (٦/٥٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>