للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل هو تحريف كتحريف الباطنية والفلاسفة وأهل الزندقة.

وأما قوله: ((وقيل: الإتيان: فعل من أفعال الله يجب الإيمان به مع تنزيه الله عن سمات الحدوث)) . فيقال: لو أن الحافظ رحمه الله اقتصر على هذا القول الذي ذكره بصيغة التمريض, لكان أولى له وأعذر عند الله – تعالى – وعند عباده المؤمنين؛ لأنه لا يخالف لفظ الحديث, وإن كان الفعل عند الأشعرية يقصد به المفعول, كما تقدم.

وأما قوله: ((وقيل: فيه حذف تقديره: يأتيهم بعض ملائكة الله، ورجحه عياض)) فيقال: بطلان هذا أظهر مما تقدم.

وكل مَنْ قَبِلَ ما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم – وسلم له منقاداً, فإنه يعلم يقيناً بطلان هذا القول, بل هذا يعلمه كل عاقل يتصور ما يقول.

ونحن نسأل أصحاب هذا القول الذي رجحه عياض: هل يجوز للمَلَك الذي يأتيهم – كما زعموا- أن يقول لأهل ذلك الموقف: أنا ربكم؟ وقد قال الله – تعالى – عن الملائكة أجمعين: {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِين َ} (١) .

والله – تعالى – لا يأمره بذلك؛ لأن الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر, فإن هذا شرك وكفر, والله – تعالى – لا يأمر به.

ومثل هذا, التأويل الرابع, الذي جعله محتملاً له, وهو قولهم: إن الله – تعالى – يأتيهم بصورة مخلوقة, تقول لهم: أنا ربكم)) فهذا كلام سخيف مضحك, وشر البلية ما أضحك.

فلولا أنه مسطور في الكتب المتداولة بين طلبة العلم لنزهت كتابي عن ذكره,


(١) الآية ٢٩ من سورة الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>