للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثوابها ثواب ثلث القرآن، فلا بد من اعتبار التماثل في سائر الصفات، وإلا فقراءة غيرها مع التدبر والخشوع أفضل من قراءتها مع الغفلة والجهل.

والناس متفاضلون في فهم هذه السورة، وما اشتملت عليه، كما هم متفاضلون في فهم سائر القرآن" (١) .

وهذا الحديث يدل أيضاً على تعدد صفات الرب تعالى، وتفاضلها؛ لأن القرآن كله، وكلامه من صفاته.

والتفاضل إنما يقع بين شيئين فصاعداً، إذ الواحد لا يعقل فيه شيء أفضل من شيء، وقد دلت النصوص الكثيرة على تعدد أسمائه تعالى وصفاته، وأن لها معاني متعددة، وهذا المعنى هو الذي قصده البخاري بهذا الحديث، فيما ظهر لي، ولا شك أن فضل هذه السورة لما اشتملت عليه من أوصاف الله تعالى، ولهذا أعقب ذلك بأن ترجم بقوله تعالى: {قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} (٢) .

وقال الحافظ: " مراده ما فيه من التصريح بلفظ الأحدية في وصفه تعالى، كما في الذي بعده" (٣) .

وقول ابن بطال: " ومذهب الأشعري، وأبي بكر بن الطيب الباقلاني، وابن أبي زيد، والداودي، وأبى الحسن القابسي، وجماعة علماء السنة: أن القرآن لا يفضل بعضه بعضاً، إذ كله كلام الله وصفته، وهو غير مخلوق، ولا يجوز التفاضل إلا في المخلوقات ".

ومثله قول ابن الدراج: "أجمع أهل السنة على أن ما ورد مما ظاهره المفاضلة بين آي القرآن وسوره، ليس المراد به تفضيل ذوات بعضها على بعض، إذ هو


(١) " مجموع الفتاوى" (١٧/١٣٨-١٤٠) بتلخيص وتصرف.
(٢) الآية ١١٠ من سورة الإسراء.
(٣) "الفتح" (١٣/٣٥٥) بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>