للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الأثير: ((الفرق بين الوثن، والصنم: أن الوثن: كل ما له جثة معمولة، من جواهر الأرض، أو من الخشب أو الحجارة، كصورة الآدمي تعمل وتنصب، فتعبد، والصنم: الصورة بلا جثة. ومنهم من لم يفرق بينهما، وأطلعهما على المعنيين، وقد يطلق الوثن على غير الصورة)) (١) .

وقد جاء في قصة عدي بن حاتم أنه قال: ((قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي: ((ألق هذا الوثن عنك)) (٢) وهذا يدل على أن الوثن يطلق على كل ما عبد من دون الله، وقد قال الأعشى:

تطوف العفاة بأبوابه ... كطوف النصارى ببيت الوثن (٣)

يريد بالوثن: الصليب.

قوله: ((وأصحاب كل آلهة مع آلهتم)) ، قال الله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ {٢٢} مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ {٢٣} وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ {٢٤} مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُون} (٤) والمقصود بأزواجهم: نظراؤهم وإخوانهم في العمل. وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ} (٥) .

فالله تعالى يحشر كل عابد مع معبوده؛ لأنهم كانوا في الدنيا يزعمون أن معبوداتهم من دون الله سوف تتولاهم، وتشفع لهم وتنفعهم، فجمعهم الله مع معبوداتهم ليظهر كذبهم وغرورهم، وفقر كل من العابد والمعبود.


(١) ((النهاية)) (٥/١٥١) .
(٢) أخرج قصته أحمد (٤/٣٧٨) والترميذي رقم (٢٩٥٦) وابن هشام في ((السيرة)) (٢/٥٧٨) .
(٣) انظر ((ديوان الأعشى)) ص (٢٠٩) .
(٤) الآيات ٢٢-٢٥ من سورة الصافات.
(٥) الآية ١٧ من سورة الفرقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>