للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} (١) .

قوله: ((فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيزاً ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد)) السؤال لتبكيتهم، وتقريرهم بما يستحقون به العذاب، وهو عبادتهم لغير الله.

وفيه دليل على أن الناس في ذلك اليوم يكونون على عقائدهم في الدنيا؛ لأن هؤلاء اليهود والنصارى لما سئلوا عما كانوا يعبدون قالوا: عزيزاً ابن الله والمسيح ابن الله، فهم لا يزالون يعتقدون أن عزيزاً ابن الله، وكذلك النصارى يظنون ذلك في المسيح.

والكذب الذي أضيف إليهم هو قولهم: عزيز ابن الله، والمسيح ابن الله، ولهذا قال: لم يكن لله صاحبة ولا ولد.

قوله: ((فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم)) في ذلك الموقف يشتد الظمأ لتوالي الكربات، وترادف الشدائد المهولات، ولهذا صار أول مطلبهم الماء، وقد مثلت لهم جهنم كأنها ماء، كما سبق في قوله: ((كأنها سراب)) فيقال لهم: اذهبوا إلى ماترون، وتظنونه ماء، فاشربوا فيذهبون فيجدون جهنم يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون فيها، ومثل ذلك يقال للنصارى بعدهم.

قوله: ((حتى يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر)) تقدم في الحديث قبله: ((وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها)) وما هنا أعم، وتقدم الكلام عليه.

قوله: ((فيقال لهم: ما يحبسكم، وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم، ونحن أحوج منا إليه اليوم)) الذي يخاطبهم بذلك هو رب العالمين، كما هو واضح في السياق.

والرواية التي ذكرها البخاري في ((التفسير)) : ((حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر، أتاهم رب العالمين)) (٢) ، وهذا من الامتحان


(١) الآية ٣٩ من سورة النور.
(٢) انظر ((البخاري)) (٦/٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>