للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آت] ، فهو بين أيديهم، وما خلفنا من أمر الدنيا، وذلك ما قد خلفوه فمضى، فصار خلفهم بتخليفهم إياه، وما بين ذلك ما لم يمض من أمر الدنيا إلى الآخرة)) (١) .

وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيَّا} أي: أنه تعالى علم كل شيء، فلا يخفى عليه شيء، ولا يغيب عنه صغير أو كبير، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أكبر من ذلك ولا أصغر إلا في كتاب مبين، قد كتبه قبل وجود خلقه لا من خشية نسيان أو فوات.

ووجه الاستشهاد بهذا الحديث: أن الأمر الذي قال جبريل عنه: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأمرِ رَبِكَ} يدخل فيه الأمر الكوني القدري الذي سبق كل ما هو كائن، والأمر الشرعي التكليفي، ونزول جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكون إلا بالخير والبركة والنصر والتأييد للمؤمنين، فهو مما سبقت به كلمته تعالى لرسوله ومن معه، والله أعلم.

قال البخاري في كتابه ((خلق أفعال العباد)) : ((قال الله - عز وجل - عن جبريل: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأمرِ رَبِكَ} فبين أن التنزيل غير الأمر)) (٢) . وتقدم أن أمر الله سابق لخلقه.

٨٢ - قال: ((حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة، وهو متكئ على عسيب، فمر بقوم من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، فسألوه، فقام متوكئاً على العسيب، وأنا خلفه، فظننت


(١) ((تفسير الطبري)) (١٦/٤٠١-٤٠٥) ببعض التصرف.
(٢) (ص١٨٣) تحقيق بدر البدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>