للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: ((معناه: أن الله – تعالى – ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت؛ لكمال خلقهم، وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك.

وهو سبحانه وتعالى يسمع أصوات العباد كلهم، برهم فاجرهم، كما قالت عائشة – رضي الله عنها -: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات)) .

ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم، كما قال: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} (١) ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ، كما دل عليه هذا الحديث العظيم.

ومنهم من فسر الإذن ها هنا بالأمر، والأول أولى؛ لقوله: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن)) أي: يجهر به، فالأذن: الاستماع؛ لدلالة السياق عليه، وكما قال تعالى: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ {١} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} فالإذن هنا الاستماع، ولهذا جاء في حديث رواه ابن ماجه بسند جيد، عن فضالة بن عبيد، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لله أشد أذناً إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن، من صاحب القينة إلى قينته)) .

وقول سفيان بن عيينة: إن المراد بالتغني: يستغني به، فإن أراد أنه يستغني به عن الدنيا – وهو الظاهر من كلامه – فخلاف الظاهر من مراد الحديث؛ لأنه فسره بعض رواته بالجهر، وهو تحسين القراءة، والتحزين بها)) (٢) .

ثم قال: ((والمراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه، وتحزينه، والتخشع به، كما رواه بقي بن مخلد، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله


(١) الآية ٦١ من سورة يونس.
(٢) ((فضائل القرآن)) لابن كثير (ص١١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>