للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أن الله – تعالى – جعل مغانم خيبر لهم، ووعدهم ذلك، عوضاً من غنائم أهل مكة، إذ انصرفوا عنهم على صلح ولم يصيبوا منهم شيئاً)) (١) . ثم روى ذلك عن مجاهد، وقتادة، ومقسم.

قال الحافظ: ((قال ابن بطال: أراد بهذه الترجمة، وأحاديثها، ما أراد في الأبواب قبلها – أن كلام الله تعالى – صفة قائمة به، وأنه لم يزل متكلماً ولا يزال.

والذي يظهر أن غرضه أن كلام الله، لا يختص بالقرآن، فإنه ليس نوعاً واحداً، وأنه وإن كان غير مخلوق، وهو صفة قائمة به، فإنه يلقيه على من يشاء من عباده بحسب حاجتهم في الأحكام الشرعية وغيرها من مصالحهم، وأحاديث الباب كالمصرحة بهذا المراد)) (٢) .

قال في: ((خلق أفعال العباد)) : ((باب: ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يذكر ويروي عن ربه – عز وجل -)) ثم ذكر نحو ما ذكره هنا من الأحاديث.

ويمكن أنه أراد بيان أن كلام الله يكون بأمره وشرعه، ووعده وجزائه، بخلاف خلقه، فإنه الصادر عن قوله: ((كن)) ، وخلق الله لا يبدل، كما قال – تعالى -: {لا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللهِ} أما قوله: فيمكن أن يبدل، أو يحرف. وهذه الآية من الأدلة على أن هذا القرآن كلام الله – تعالى -، وأن ما يقوله الأشاعرة أن كلام الله: ما قام في نفسه، باطل، إذ لا يمكن أن يبدل ما في نفسه تعالى.

وقد تبين بما ذكره ابن جرير – رحمه الله – أن معنى قوله: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} هو خروج المتخلفين عن الحديبية إلى خيبر؛ لأن الله – تعالى – وعدهم مغانم خيبر خاصة بهم.

والقول الثاني في الآية: أن المراد تبديله هو قوله تعالى: {فَقُل لَّن تَخرُجُواْ مَعِيَ أَبَدَاً} . غير أن ابن جرير رد هذا القول.


(١) ((تفسير الطبري)) (٢٦/٧٩-٨٠) .
(٢) ((الفتح)) (١٣/٤٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>