للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أريد صفات، وأعراض، مثل ما يحصل في قلوب العابدين في وقت السحر من الرقة، والتضرع، وحلاوة العبادة، ونحو ذلك، فهذا حاصل في الأرض ليس منتهاه السماء الدنيا.

ونزول أمره ورحمته لا يكون إلا منه، وحينئذ فهذا يقتضي أنه فوق العالم، فنفس تأويلهم يبطل مذهبهم.

وكذلك يبطله ما جاء من ألفاظ الحديث، مثل قوله: ((ثم يعرج)) وفي لفظ: ((ثم يصعد)) .

يضاف إليه قوله: ((ينزل إلى السماء الدنيا فيقول: من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر)) .

ومعلوم أنه لا يجيب الدعاء، ويغفر الذنوب، ويعطي كل سائل سؤاله، إلا الله، وأمره ورحمته لا تفعل شيئاً من ذلك)) (١)

قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي لما أوَّل بشر الحديث بمثل ما ذكره الحافظ: ((فيقال: هذا من حجج النساء والصبيان، ومن ليس عنده بيان، ولا لمذهبه برهان؛ لأن أمر الله ورحمته ينزل في كل ساعة، ووقت، وأوان، فما بال النبي – صلى الله عليه وسلم – يحد لنزوله الليل دون النهار، ويوقت من الليل شطره، أو الأسحار، أفأمره ورحمته يدعوان العباد إلى الاستغفار؟ أو يقدر الأمر والرحمة أن يتكلما دونه، فيقولان: هل من داع فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟

فإن قررت مذهبك لزمك أن تدعي أن الرحمة والأمر هما اللذان يدعوان


(١) ((مجموع الفتاوى)) (٥/٤١٥-٤١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>