للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد الصبر والتسليم، ولا يسقط بذلك لوم الجاني وعقابه.

قال الله - تعالى -: {وَاصبِر لِحُكمِ رَبِكَ} (١) ، وحكم الله نوعان: خلق، وأمر، فالأول: ما يقدره من المصائب.

والثاني: ما يأمر به وينهى عنه، وهو شرعه ودينه.

والعبد مأمور بالصبر على النوعين، فعليه أن يصبر على فعل المأمور، وترك المحظور، وعلى ما قدره الله وقضاه)) (٢) .

((فالمصائب الحاصلة بقدر الله التي لم يبق فيه حق يؤخذ، أو ذنب يعاقب عليه، ليس فيها إلا التسليم للقدر، وقصة آدم من هذا القبيل، فإن موسى لامه من أجل ما أصابه وذريته.

وآدم قد تاب من الذنب الذي هو سبب المصيبة، وغفر له، والمصيبة كانت مقدرة، فلا حيلة أمامها إلا التسليم والرضا.

ولهذا قال: ((أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وكلامه، ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق)) .

وقوله: ((احتج آدم وموسى)) أي: كل واحد منهما ذكر حجته أمام الآخر، وهذا يجوز أن يكون بعد وفاة موسى، أو أنه في الرؤيا، فإن رؤيا الأنبياء وحي.

((وقال ابن عبد البر: ((مثل هذا يجب فيه التسليم، ولا يوقف فيه على تحقيق؛ لأنا لم نؤت من جنس هذا العلم إلا قليلاً)) (٣) .


(١) الآية ٤٨ من سورة الطور.
(٢) ((الفتح)) (١١/٣٢٤-٣٢٥) ملخصاً.
(٣) ((الفتح)) (١١/٥٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>