للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق، وأنصحهم للخلق، فلا استدراك عليه، فيجب أن يبقى ما أطلقه -صلى الله عليه وسلم- على الله - تعالى - بدون تأويل، إلا إذا كان يريد بذلك تفسير معنى الصبر، ولكن الأولى أن يبقى كما قال؛ لأنه واضح ليس بحاجة إلى تفسير.

قوله في الحديث: " اصبر" أفعل تفضيل من الصبر، ومن أسمائه الحسنى "الصبور"، ومعناه: الذي لا يعاجل العصاة بالعقوبة، وهو قريب من معنى الحليم، والحليم أبلغ في السلامة من العقوبة (١) .

وقال الزجاج: " أصل الصبر في الكلام: الحبس، يقال: صبرته على كذا صبراً: إذا حبسته، ومعنى الصبر والصبور في اسم الله - تعالى - قريب من معنى الحلم" (٢) .

وقال ابن الأثير: " الصبور: هو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام منهم، بل يؤخر ذلك إلى أجل مسمى، فمعنى الصبور في صفة الله - تعالى - قريب من معنى

الحليم، إلا أن الفرق بين الأمرين أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور، كما يأمنون منها في صفة الحليم" (٣) .

يقصد أن صفة الحلم أكثر رجاء ورحمة وأوسع لعباده، من صفة الصبور، والله أعلم.

قوله: "على أذى سمعه من الله" لفظ الأذى في اللغة هو لما خف أمره، وضعف أثره من الشر والمكروه، وذكره الخطابي، قال شيخ الإسلام: "وهو كما قال، بخلاف الضرر، فقد أخبر - سبحانه- أن العباد لا يضرونه، كما قال تعالى: {وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللهَ شَيْئاً} (٤) ، فبين أن


(١) "فتح الباري" (١٣/٣٦١) .
(٢) " تفسير أسماء الله الحسنى" (ص٦٥) .
(٣) "جامع الأصول" (٤/١٨٣) .
(٤) الآية ١٧٦ من سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>