للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعناه: أنتم تسبون من فرق شملكم، وأمات أهليكم، وتنسبونه إلى الدهر، والله –تعالى- هو الفاعل لذلك.

وهؤلاء إن أرادوا بالدهر، مرور الزمان، فذلك لا اختيار له، ولا مراد، ولا يعرف رشداً من ضلال، ولا ينبغي أن يلام، فإنه زمان مدبر، ولا يعقل أن يكون ذم هؤلاء يقصد به الزمان الذي لا تصرف له، فلم يبق إلا أن القوم خرجوا عن ربقة الإسلام، ونسبوا القبائح إلى الله –تعالى- فاعتقدوا قصور حكمته، وأنه يفعل ما لا يصلح كما اعتقده إبليس في تفضيل آدم، وهؤلاء لا ينفعهم مع هذا الزيغ اعتقاد إسلام، ولا فعل صلاة، بل هم شر من الكفار" (١) .

قلت: أكثر هؤلاء من الشعراء والأدباء لا يقصدون نسبة القبائح إلى الله –تعالى- من الجور والظلم، وإنما ساروا في ذلك على سبيل المتابعة لأهل الجاهلية والتقليد، بدون تبصر لذلك، والله أعلم.

وكذلك يؤذي ابن آدم ربه بمخالفته أوامره –تعالى- وارتكابه نهيه، والإصرار على ذلك، وأذية رسله، وعباده الصالحين، بعيبهم، وتنقصهم، كما في "مسند الإمام أحمد"، من حديث عبد الله بن مغفل المزني –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم -: "الله، الله، في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبهم، فمن أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه" (٢) .

وقد قال الله –تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} (٣) .


(١) "صيد الخاطر" (ص٤٩٠) باختصار وتصرف يسير.
(٢) "المسند" (٤/٨٧) .
(٣) الآية ٥٧ من سورة الأحزاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>