للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى: لا إله إلا الله]

أما معناها الحق الذي لا ينبغي العدول عنه فهو:

لا معبود حق إلا الله.

ولا يجوز لنا أن نقول: إن معناها لا خالق إلا الله، أو لا قادر على الاختراع إلا الله، أو لا موجود إلا الله، وذلك لأمور منها:

١_أن كلمة =إله+ عند العرب فِعالٌ بمعنى مفعول، كغِراس بمعنى مغروس، وفِراش بمعنى مفروش، وكتاب بمعنى مكتوب؛ فإله: فِعال بمعنى مفعول: أي مألوه، والتأله في لغة العرب معناه التنسك والتعبد، فمعنى مألوه: معبود ومنه قول رؤبة بن العجاج:

لله در الغانيات المده **** سبحن واسترجعن من تألهي (١)

وقد سمَّت العرب الشمس لما عبدوها إلهةً، وقالت مية بنت أم عتبة ابن الحرث:

تروَّحنا من اللعباء عصراً **** فأعجلنا الإلهة أن تؤوبا (٢)

٢_أن كفار قريش والمشركين في الجاهلية لا ينكرون أنه لا خالق إلا الله، أو لا قادر على الاختراع إلا الله، قال_تعالى_في شأنهم: [وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ] (لقمان:٢٥) .

وأشعارهم مليئة بالإقرار بهذا الأمر، أعني توحيد الربوبية، ومن ذلك قول زهير ابن أبي سلمى:

فلا تكتُمُن الله ما في نفوسكم **** ليخفي ومهما يكتم الله يعلم

يُؤخر فيُوضَعْ في كتاب فيُدَّخَر **** ليوم الحساب أو يعجل فينتقم (٣)

ومنه قول حاتم الطائي:

أما والذي لا يعلم السر غيره **** ويحيي العظام البيض وهي رميم (٤)

٣_أن كفار قريش لما قال لهم الرسول" =قولوا: لا إله إلا الله+ قالوا كما أخبر الله_تعالى_عنهم [أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ] (ص:٥) .

فما الذي فهمه كفار قريش عندما أمرهم النبي"أن يقولوا لا إله إلا الله؟ هل فهموا من لا إله إلا الله أن معناها لا خالق أو لا قادر على الاختراع إلا الله؟.

الجواب لا؛ لأنهم لا ينكرون ذلك، إنما أنكروا أن تكون العبادة كلها لله وحده لا شريك له، إذاً فمعنى لا إله إلا الله: لا معبود حق إلا الله، وتُقَدَّر كلمة =حق+ لأن المعبودات كثيرة، ولكن المعبود الحق هو الله وحده لا شريك له.

قال_تعالى_: [ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ] (الحج:٦٢) .


(١) انظر لسان العرب ١٣/٤٩٦.
(٢) لسان العرب ١٣/٤٦٩.
(٣) شرح ديوان زهير بن أبي سلمى، ص٢٥.
(٤) شرح ديوان حاتم الطائي، ص٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>