للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه على نشز من الأرض.

وإنها مدينة آهلة كثيرة الخيرات وافرة الغلات، وغزا بعض الأكاسرة الروم وحمل الأسارى إلى تستر وأسكنهم فيها فظهرت فيها صنائع الروم وبقيت في أهلها إلى زماننا هذا. يجلب منها أنواع الديباج والحرير والخز والستور والبسط والفرش.

وحكي أن أبا موسى الأشعري لما فتح تستر وجد بها ميتاً في آبزون من نحاس، معه دراهم من احتاج إلى تلك الدراهم أخذها، فإذا قضى حاجته ردها، فإن حبسها مرض. فكتب أبو موسى بذلك إلى عمر بن الخطاب، فكتب في جوابه: ان ذلك دانيال النبي! أخرجه وغسله وكفنه وصل عليه وادفنه.

وينسب إليها سهل بن عبد الله التستري، صاحب الكرامات الظاهرة، من جملتها إذا مس مريضاً عافاه الله، وقد سمع من كثير من أهل تستر أن في منزل سهل بيتاً يسمى بيت السباع، كانت السباع تأتيه وهو يضيفها فيه، حكى سهل ابتداء أمره قال: قال لي خالي محمد بن سوار: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ قلت: كيف أذكره؟ فقال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي! الله ناظر إلي! الله شاهدي! قلت ذلك ثلاث ليال ثم أعلمته. قال: قل ذلك كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته. فقال: قل كل ليلة إحدى عشرة مرة، فقلت ذلك ثم أعلمته، فوقع في قلبي حلاوة. فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه حتى تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة! فبقيت على ذلك سنين، فوجدت لها حلاوة في سري، ثم قال لي يوماً: يا سهل من كان الله معه وناظراً إليه وشاهده لا يعصي! إياك والمعصية! قال: كنت أشتري بدرهم شعيراً فيخبز لي منها أفطر كل سحر على قدر أوقية منها بغير ملح ولا ادام، فيكفيني الدرهم سنة، ثم عزمت على أن أطوي ثلاث ليال وأفطر ليلة ثم خمساً ثم سبعاً ثم خمساً وعشرين. بقيت على ذلك عشرين سنة. توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

<<  <   >  >>