للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خراسان وبعث إلى النوبهار الأحنف بن قيس بن الهيثم فخربها.

ينسب إليها من المشاهير إبراهيم بن أدهم العجلي، رحمه الله، كان من ملوك بلخ، وكان سبب تركه الدنيا انه كان في بعض متصيداته يركض خلف صيد ليرميه، فالتفت الصيد إليه وقال: لغير هذا خلقت يا إبراهيم! فرجع ومر على بعض رعاته ونزل عن دابته، وخلع ثيابه وأعطاها للراعي ولبس ثياب الراعي واختار الزهد.

وحكي أنه ركب سفينة في بعض أسفاره، فلما توغل في البحر طالبه الملاح بالأجرة وألح عليه، فقال له إبراهيم: اخرجني إلى هذه الجزيرة حتى أؤدي أجرتك! فأخرجه إليها وذهب معه فصلى إبراهيم ركعتين وقال: إلهي يطلب أجرة السفينة! فسمع قائلاً يقول: خذ يا إبراهيم. فمد يده نحو السماء وأخذ دينارين دفعهما إلى الملاح وقال: لا تذكر هذا لأحد! ورجعا إلى السفينة فهبت ريح عاصف واضطربت السفينة فأشرفت على الهلاك، فقال الملاح: اذهبوا إلى هذا الشيخ ليدعو الله. فذهب القوم إليه وهو مشغول بنفسه في زاوية؛ قالوا: إن السفينة أشرفت على الهلاك، ادع الله تعالى لعله يرحمنا! فنظر إبراهيم بموق عينه نحو السماء وقال: يا مرسل الرياح من علينا بالعاطفة والنجاح! فسكنت الريح في الحال.

وحكي أنه مر به بعض رعاته من بلخ فرآه جالساً على طرف ماء يرقع دلقاً، فجلس إليه يعيره بترك الملك واختيار الفقر، فرمى إبراهيم إبرته في الماء وقال: ردوا إلي إبرتي! فأخرج سمك كثير من الماء رؤوسها وفي فم كل واحدة إبرة من الذهب. فقال: لست أريد غير إبرتي! فأخرجت واحدة رأسها بإبرته. فقال للرجل: أي الملكين خير هذا أم ذاك؟ وحكي أنه اجتاز به جندي سأل منه الطريق فأشار إلى المقبرة، فتأذى الرجل الجندي وضربه فشج رأسه. فلما عرف انه إبراهيم جاء إليه معتذراً فقال له: إنك وقت ضربتني دعوت لك لأنك حصلت لي ثواباً فقابلت ذلك بالدعاء.

<<  <   >  >>