للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عجيبة، وكان المعتصم والواثق والمتوكل بنوا بها قصوراً، والمتوكل اشتق من دجلة قناتين شتوية وصيفية، وتدخلان الجامع وتتخللان شوارع المدينة.

وفي جامعها السرداب المعروف الذي تزعم الشيعة ان مهديهم يخرج منه، لأنهم زعموا أن محمد بن الحسن دخل فيه، وكان على باب هذا السرداب فرس أصفر، سرجه ولجامه من الذهب إلى زمن السلطان سنجر بن ملكشاه. جاء يوم الجمعة إلى الصلاة فقال: هذا الفرس ههنا لأي شيء؟ فقالوا: ليخرج من هذا الموضع خير الناس يركبه. فقال: ليس يخرج منه خير مني! وركبه. زعموا أنه ما كان مباركاً لأن الغز غلبته وزال ملكه. ولم تزل سامرا في زيادة عمارة من أيام المعتصم إلى أيام المستعين، فعند ذلك قويت شوكة الأتراك ووقعت المخالفة في الدولة، فلم تزل في نقص إلى زمان المعتضد بالله، فإنه انتقل إلى بغداد وترك سامرا بالكلية، فلم يبق بها إلا كرخ سامرا وموضع المشهد والباقي خراب يباب، يستوحش الناظر إليها بعد ان لم يكن في الأرض أحسن ولا أجمل ولا أوسع ملكاً منها. فسبحان من يقلب الأمور ولا يتغير بتغير الأزمنة والدهور! قال ابن المعتز:

غدت سرّ من را في العفاء فيا لها ... قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل

تفرّق أهلوها ولم يعف رسمها ... لما نسجته من جنوبٍ وشمأل

إذا ما امرؤٌ منهم شكا سوء حاله ... يقولون: لا تهلك أسىً وتجمّل!

[ساوه]

مدينة طيبة كثيرة الخيرات والثمرات والمياه والأشجار، في وهدة من الأرض. وكانت في قديم الزمان على ساحل بحيرة غاضت عند مولد النبي، صلى الله عليه وسلم، ورأيت موضع البحيرة زرعوه شعيراً. وحدثني بعض مشايخها انه شاهد السفينة تجري فيها. وأهل ساوه مخصوصون بحسن الصورة

<<  <   >  >>