للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفّاخ غزنة نفّاعٌ ونفّاح ... كأنّه الشّهد والرّيحان والرّاح!

أحبّه لصفاتٍ حازها قمرٌ ... في وجهه أبداً وردٌ وتفّاح!

وينسب إليها مجدود بن آدم السنائي. كان حكيماً عارفاً شاعراً تاركاً للدنيا، وله ديوان كبير كله حكم ومواعظ من حقها أن تكتب بالذهب، ليس فيها مدح أصلاً. وكان يحب العزلة والانزواء عن الناس، ويسكن الخرابات ويمشي حافياً، وكان بعض الوزراء يرى له والسنائي يأتيه في أوقات، فإذا جاءه يقوم الوزير ويجلسه مكانه في دسته، وهو ربما كانت ملطخة بالطين فقعد في مسند الوزير، ومد رجليه لئلا يتلطخ المطرح بالطين. وحكي أن السنائي كان يمشي حافياً ولا يقبل من أحد شيئاً، فاشترى له بعض أصدقائه مداساً وألح عليه بالشفاعة أن يلبسه ففعل، فاتفق أنه تلاقاه في اليوم الثاني وسلم على السنائي فخلع المداس ورده إليه، فسئل عن ذلك فقال: سلامه في اليوم الثاني ما كان يشبه السلام الذي كان قبل ذلك، وما كان له سبب إلا المداس! وبها عين إذا ألقي فيها شيء من القاذورات، يتغير الهواء ويظهر البرد والريح العاصف والمطر في أوانه والثلج في أوانه، وتبقى تلك الحالة إلى أن تنحى عنها النجاسة. وحكي أن السلطان محمود بن سبكتكين لما أراد فتح غزنة كلما قصدها بادر أهلها وألقوا شيئاً من القاذورات في هذه العين، ولم تمكن الإقامة عندهم للعسكر. وكان الأمر على ذلك حتى عرف السلطان ذلك منهم، وتلك العين خارج المدينة بقربها، فبعث أولاً على العين حفاظاً ثم سار نحوها فلم ير شيئاً مما كان قبل ذلك، فافتتحها.

[الغور]

ولاية بين هراة وغزنة عامرة، ذات عيون وبساتين كثيرة خصبة جداً، والجبال محتوية عليها من جميع جوانبها مثل الحظيرة، ونهر هراة يقطعها، يدخلها من جانب ويخرج من آخر. وإنها شديدة البرد جداً لا تنطوي على مدينة مشهورة

<<  <   >  >>