للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصحاب الأشجار لا يمنعون عنها أحداً، ويمكثون هناك أيام المشمش للتفرج والتنزه ويأكلون من ثمارها، ويكسرون من أشجارها ولا يمنعهم مانع، فإذا انتهت أيام المشمش رجعوا؛ وذكر أن صاحب ماوشان منع الناس عنها في بعض السنين، فلما كان من القابل لم تثمر أشجارها شيئاً، فعادوا لإطلاق الناس فيها.

[المدائن]

كانت سبع مدن من بناء الأكاسرة على طرف دجلة، وقيل: إنها من بناء كسرى الخير أنوشروان. سكنها هو وملوك بني ساسان بعده إلى زمن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه. وإنما اختار هذا الموضع للطافة هوائه وطيب تربته وعذوبة مائه؛ قال حمزة: هذا الموضع سمته العرب مدائن لأنها كانت سبع مدن، بين كل واحدة والخرى مسافة، وآثارها إلى الآن باقية وهي: اسفابور، به اردشير، هنبو سابور، دوزبندان، به از انديوخسرو، نونياباذ، كردافاذ.

فلما ملك العرب ديار الفرس واختطت الكوفة والبصرة انتقل الناس إليهما، ثم اختط الحجاج واسطاً وكانت دار الامارة فانتقل الناس إليها، فلما اختط المنصور بغداد انتقل أكثر الناس إليها. فأما في وقتنا هذا فالمسمى بالمدائن بليدة شبيهة بقرية في الجانب الغربي من دجلة. أهلها فلاحون شيعة إمامية. ومن عادتهم أن نساءهم لا يخرجن نهاراً أصلاً.

وبها مشهد رفيع البناء لأحد العلويين، وفي الجانب الشرقي منها مشهد سلمان الفارسي، رضي الله عنه، وله موسم في منتصف شعبان، ومشهد حذيفة ابن اليمان مشير رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وكان للأكاسرة هناك قصر اسمه أبيض، كان باقياً إلى زمن المكتفي في حدود سنة تسعين ومائتين، فأمر بنقضه وبنائه التاج الذي بدار الخلافة ببغداد، وتركوا منه الإيوان المعروف بإيوان كسرى. ذكر أنه من بناء انوشروان كسرى

<<  <   >  >>