للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن عاداتهم الخروج في أعيادهم بالشعانين والسباسب والدنح بالزينة للهو والطرب والمأكول والمشروب، صغيرهم وكبيرهم وفقيرهم وغنيهم على قدر مكنته وقدرته. ومن عاداتهم إخصاء أولادهم ليكونوا من سدنة بيوت عبادتهم، لكنهم لا يتعرضون للقضيب ويحدثون الخصي بالأنثيين، لأنهم كرهوا لرهبانهم احبال نسائهم. وأما قضاء الوطر فلا يكرهونه، وقيل: ان الخصي يبلغ في ذلك مبلغاً لا يبلغه الفحول لأنه يستحلب لفرط المداومة جميع ما عند المرأة ولا يفتر، فإذا تزوج أحدهم وأراد الزفاف، تحمل المرأة إلى القس حتى يكون القس مفترعها وينالها بركته، والزوج أيضاً يمشي معها ليعلم أن الاقتضاض حصل بفعل القس! وملوك الروم وهم القياصرة كانوا من أوفر الملوك علماً وعقلاً، وأتمهم رأياً وأكثرهم عدداً وعدداً، وأوسعهم مملكة وأكثرهم مالاً، ومن عاداتهم أن لا يأخذوا عدوهم مغافصة، بل إذا أرادوا غزو بلاد كتبوا إلى صاحبها: نحن قاصدون بلادك في السنة الآتية، فاستعد وتأهب لالتقائنا!

[بلاد الغز]

أمة عظيمة من الترك، وهم نصارى كانوا في طاعة سلاطين بني سلجوق إلى زمن سنجر بن ملكشاه، فبعث إليهم من يستوفي الخراج منهم فتجاوز الجابي للخراج في الرسم والعادة، فضربه ملكهم وكان اسمه طوطى بك، فمات الجابي فبعث إلى السلطان يتعذر، والسلطان وافق على قبول عذره لكن الحواشي أرادوا النهب والسبي وتحصيل المال؛ قالوا: هؤلاء لا يقبل عذرهم فإنه إهانة بالسلطان وجرأة عليه، فلنوقع بهم حتى لا يقدم غيرهم على مثل هذا الفعل القبيح! فذهب السلطان بعساكره إليهم فتضرعوا وتذللوا وقالوا للسلطان: ارحم عوراتنا وذرياتنا وخذ منا دية المقتول أضعافاً مضاعفة، وضاعف علينا الخراج، فلان السلطان وأبى أصحابه.

<<  <   >  >>