للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدَكَ مِنْ ظَهْرِكَ فَهُوَ وَلَدُ وَلَدِكَ، فَقَالَ: أَيُّ أَوْلَادِي؟ قَالَتْ: أَبُو شَحْمَةَ، قَالَ: أَبِحَلَالٍ أَمْ بِحَرَامٍ؟ قَالَتْ: مِنْ قِبَلِي بِحَلَالٍ، وَمِنْ جِهَتِهِ بِحَرَامٍ، قَالَ عُمَرُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اسْمَعْ مَقَالَتِي، فَوَاللَّهِ مَا زِدْتُ عَلَيْكَ حَرْفًا وَلَا نَقَصْتُ، فَقَالَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ، وَلَا تَقُولِي إِلَّا الصِّدْقَ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْتُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ مَارَّةً فِي بَعْضِ حَوَائِجِي، إِذْ مَرَرْتُ بِحَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَإِذَا أَنَا بِصَائِحٍ يَصِيحُ مِنْ وَرَائِي، فَإِذَا أَنَا بِوَلَدِكَ أَبِي شَحْمَةَ يَتَمَايَلُ سُكْرًا، وَكَانَ قَدْ شَرِبَ عِنْدَ مَسِيكَةَ الْيَهُودِيَّةِ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنِّي تَوَعَّدَنِي، وَهَدَّدَنِي، وَرَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي، وَجَرَّنِي إِلَى الْحَائِطِ، فَسَقَطَ وَأُغْمِيَ عَلَيَّ، فَوَاللَّهِ مَا أَفَقْتُ إِلَّا وَقَدْ نَالَ مِنِّي مَا يَنَالُ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ، فَقُمْتُ وَكَتَمْتُ أَمْرِي، عَنْ عَمِّي، وَعَنْ جِيرَانِي، فَلَمَّا تَكَامَلَتْ أَيَّامِي وَانْقَضَتْ شُهُورِي، وَضَرَبَنِي الطَّلْقُ، وَأَحْسَسْتُ بِالْوِلَادَةِ خَرَجْتُ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَوَضَعْتُ هَذَا الْغُلَامَ، فَهَمَمْتُ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ نَدِمْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَاحْكُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَمَرَ عُمَرُ مُنَادِيهِ فَنَادَى، فَأَقْبَلَ النَّاسُ يَهْرَعُونَ إِلَى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، لَا تَتَفَرَّقُوا حَتَّى آتِيكُمْ بِالْخَبَرِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَنَا مَعَهُ، فَنَظَرَ إِلَيَّ، وَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَسْرِعْ مَعِي، فَجَعَلَ يُسْرِعُ حَتَّى قَرُبَ مِنْ مَنْزِلِهِ، فَقَرَعَ الْبَابَ، فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ كَانَتْ تَخْدُمُهُ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى وَجْهِهِ، وَقَدْ غَلَبَهُ الْغَضَبُ، قَالَتْ: مَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ؟ قَالَ: يَا هَذِهِ: وَلَدِي أَبُو شَحْمَةَ هَا هُنَا؟ قَالَتْ: إِنَّهُ عَلَى الطَّعَامِ، فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُ: كُلْ يَا

<<  <  ج: ص:  >  >>