للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَمْتَهِنُ سَيَأْتِيكَ الْآنَ. فَجَلَسْتُ لَهُ فَجَاءَ وَمَعَهُ بعيران قد قطر أحدهما في عجز الْآخَرِ فِي عُنُقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِرْبَةٌ فَوَضَعَهُمَا، ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مِنْ رَجُلٍ كُنْتُ أَلْقَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ لُقْيًا مِنْكَ، وَلَا أَبْغَضَ إِلَيَّ لُقْيًا منك، قال: لله أبوك وما يجمع هذا؟ قال: إني كنت وأدت موؤدة فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَرْهَبُ إِنْ لَقِيتُكَ أَنْ تَقُولَ: لا توبة لك لا مخرج، وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَقُولَ: لَكَ تَوْبَةٌ وَمَخْرَجٌ. قَالَ: أَفِي الْجَاهِلِيَّةِ أَصَبْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ. وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: آتِينَا بِطَعَامٍ فَأَبَتَ ثُمَّ أَمَرَهَا فَأَبَتَ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا قَالَ: إِيهِ فَإِنَّكُنَّ لَا تَعْدُونَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: وَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِيهِنَّ؟ قَالَ: (إِنَّ الْمَرْأَةَ [خُلِقَتْ مِنْ] ضِلَعٍ، وَإِنَّكَ إِنْ تريد أن تقيمها تكسرها، وإن تداريها فإن فيها أودا وبلغة) (١) .


(١) - أودا: أي عوجا: وبلغة: أي ما يكتفى به من العيش.

<<  <   >  >>