للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر العسقلاني معقباً على الحديث: " وفيه أن الأنبياء في خَلقهم وخُلُقهم، على غاية الكمال، وأن من نسب نبيّاً إلى نقص في خلقته فقد آذاه، ويخشى على فاعله الكفر " (١) .

الصور الظاهرة مختلفة:

ليس معنى كون الرسل أكمل الناس أجساماً أنهم على صفة واحدة صورة واحدة، فالكمال الذي يدهش ويعجب متنوع وذلك من بديع صنع الواحد الأحد وكمال قدرته.

وقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأنبياء والرسل، يقول صلى الله عليه وسلم: ((ليلة أسري بي رأيت موسى، وإذا هو رجل ضَرْبٌ من الرجال، كأنه من رجال شَنوءة)) (٢) .

وقال في عيسى: " ورأيت عيسى، فإذا هو رجل ربعة أحمر، كأنما خرج من ديماس " (٣) .

وقال فيه أيضاً: " ليس بيني وبينه نبيٌّ، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع، إلى الحمرة والبياض، ينزل بين ممصرتين، كأن رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلل " (٤) .

وقد وصف لنا الصحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم فمن ذلك قولهم: " كان ربعة من القوم، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، أزهر اللون، ليس بالأبيض الأمهق، ولا بالآدم، ليس بجعد قَطِطٍ، ولا سَبْطٍ رَجِلٍ " (٥) ، وقالوا فيه: " كان أحسن الناس.. ربعة، إلى الطول ما هو، بعيد ما بين المنكبين، أسيل الخدين، شديد سواد الشعر، أكحل العينين، أهدب الأشفار، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها، ليس له أخمص، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة " (٦) .

وكان الرسول أشبه الناس بنبي الله إبراهيم كما أخبرنا عليه السلام بذلك (٧) .

٢- الكمال في الأخلاق:

لقد بلغ الأنبياء في هذا مبلغاً عظيماً، وقد استحقوا أن يثني عليهم ربّ الكائنات فقد أثنى الله على خليله إبراهيم عليه السلام فقال: (إنَّ إبراهيم لحليم


(١) فتح الباري: ٦/٤٣٨.
(٢) أخرجه أحمد في ((المسند)) : ١٦/٤٨٤ (١٠٨٣٠) ، والبخاري: (٣٣٩٤) ، ومسلم بنحوه: (١٧٢) (١٧٨) ، وشنوءة حي من اليمن. وضَرْبٌ من الرجال: هو الخفيف اللحم الممشوق المستدق.
(٣) البخاري: ٣٣٩٤، والديماس: الحمام.
(٤) رواه أبو داود وأحمد (انظر صحيح الجامع: ٥/٩٠) وقوله (ممصرتين) الممصرة من الثياب التي فيها صفرة خفيفة. راجع لسان العرب: (٣/٤٩٣) مادة مصر.
(٥) رواه البخاري: ٣٥٤٧، ٣٥٤٨، ومسلم: ٢٣٤٧.
(٦) رواه البيهقي، انظر صحيح الجامع: (٤-١٩٩) .
(٧) صحيح البخاري: ٣٣٩٤.

<<  <   >  >>