للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فتمثَّل لها بشراً سويّاً - قالت إني أعوذ بالرَّحمن منك إن كنت تقيّاً - قال إنَّما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً..) [مريم: ١٧-١٩] وخاطبتها الملائكة قائلة: (يا مريم إنَّ الله اصطفاك وطهَّرك واصطفاك على نساء العالمين - يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الرَّاكعين..) [آل عمران: ٤٢-٤٣] .

فأبو الحسن الأشعري يرى أنّ كلَّ من جاءه الملك عن الله - تعالى - بحكم من أمر أو نهي أو بإعلام فهو نبي (٣) ، وقد تحقق في أمّ موسى ومريم شيء من هذا، وفي غيرهما أيضاً، فقد تحقق في حواء وسارة وهاجر وآسية بنصّ القرآن.

واستدلوا أيضاً باصطفاء الله لمريم على العالمين (واصطفاك على نساء العالمين) [آل عمران: ٤٢] وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون)) (٤) .

قالوا: الذي يبلغ مرتبة الكمال هم الأنبياء.

الردّ عليهم:

وهذا الذي ذكروه لا ينهض لإثبات نبوة النساء، والرد عليهم من وجوه:

الأول: أنّا لا نسلم لهم أن النبيَّ غير مأمور بالتبليغ والتوجيه ومخالطة الناس، والذي اخترناه أن لا فرق بين النبيّ والرسول في هذا، وأنَّ الفرق واقع في كون النبي مرسل بتشريع رسول سابق.

وإذا كان الأمر كذلك فالمحذورات التي قيلت في إرسال رسول من النساء قائمة في بعث نبي من النساء، وهي محذورات كثيرة تجعل المرأة لا تستطيع القيام بحقّ النبوة.

الثاني: قد يكون وحي الله إلى هؤلاء النسوة أم موسى وآسية.. إنّما وقع مناماً، فقد علمنا أنّ من الوحي ما يكون مناماً، وهذا يقع لغير الأنبياء.

<<  <   >  >>