للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُغني عَن كُله. وَالْحق أَن الإتقان ضَرُورِيّ للنجاح فِي أَي أَمر كَانَ، بِحَيْثُ إِذا لم يكن مستطاعاً فِي أَمر، يلْزم ويتحتم ترك ذَلِك الْأَمر كليا والتحول عَنهُ إِلَى غَيره من المستطاع فِيهِ إِيفَاء حق الإتقان.

وَمن (الغرارة) وهمنا أَن شؤون الْحَيَاة سهلة بسيطة، فنظن إِن الْعلم بالشَّيْء إِجْمَالا ونظرياً بِدُونِ تمرن عَلَيْهِ يَكْفِي للْعَمَل بِهِ، فَيقدم أَحَدنَا مثلا على الْإِمَارَة بِمُجَرَّد نظره فِي نَفسه أَنه عَاقل مُدبر قبل أَن يعرف مَا هِيَ الإدارة علما، ويتمرن عَلَيْهَا عملا، ويكتسب فِيهَا شهرة تعينه على الْقيام بهَا.

وَيقدم الآخر منا على الاحتراف مثلا بِبيع المَاء للشُّرْب، بِمُجَرَّد ظَنّه أَن هَذِه الحرفة عبارَة عَن حَملَة قربَة وَقَدحًا وتعرضه للنَّاس فِي مجتمعاتهم، وَلَا يرى لُزُوما لتقلي وَسَائِل إتقان ذَلِك عَمَّن يرشده مثلا إِلَى ضَرُورَة النَّظَافَة لَهُ فِي قربته وقدحه وظواهر هَيئته ولباسه، وَكَيف يحفظ برودة مائَة وَكَيف يستبرقه ويوهم بصفائه ليشهى بِهِ، وَمَتى يغلب الْعَطش ليقصد المجتمعات، ويتحرى مِنْهَا الخالية لَهُ عَن المزاحمين، وَكَيف يتزلف للنَّاس ويوهم بِلِسَان حَالَة انه محترف بالاسقاء كفا لنَفسِهِ عَن السُّؤَال. إِلَى نَحْو هَذَا من دقائق إتقان

<<  <   >  >>