للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي بكر لسعد بن عبَادَة فِي السَّقِيفَة فِي مُسْند أَحْمد: وَالله لقد علمت يَا سعد أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ وَأَنت قَاعد

" قُرَيْش وُلَاة هَذَا الْأَمر " فَقَالَ لَهُ سعد: صدقت.

فَمن علم هَذَا لَا يلْتَفت إِلَى مَا يذكرهُ بعض أهل هَذَا الْعَصْر من تَأْوِيل تِلْكَ الْأَحَادِيث والبحث فِي أَسَانِيد بَعْضهَا، أَو من أَن شَرط القرشية من الشُّرُوط الخلافية وَإِن قَالَ هَذَا بعض كبار الْمُتَكَلِّمين فَإِن هَؤُلَاءِ يذكرُونَ أَمْثَال هَذِه الخلافات الشاذة عَن بعض المبتدعة لأجل الرَّد عَلَيْهَا، لَا لِأَنَّهَا كالخلاف بَين أَئِمَّة الْحق من الْمسَائِل الاجتهادية، وغرض من يُمَارِي أَو يكتم شَرط القرشية فِي هَذَا الْعَصْر تَصْحِيح خلَافَة سلاطين بني عُثْمَان، وَهَذَا مَالا سَبِيل إِلَيْهِ عندأهل السّنة المشترطين للقرشية بِإِجْمَاع مذاهبهم إِلَّا بقاعدة التغلب، وَأما عِنْد الْخَوَارِج فَلَا سَبِيل إِلَيْهِ الْبَتَّةَ، لأَنهم إِنَّمَا أَنْكَرُوا شَرط القرشية منعا لحصر الْإِمَامَة فِي بَيت معِين. . وماذا يضر العثمانيين أَن تكون خلافتهم بالتغلب وَقد قَالَ بعض الْفُقَهَاء فِي بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس كلهم أَو جلهم مثل ذَلِك. .

وَأما حِكْمَة حصر النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الْخلَافَة الشَّرْعِيَّة فيهم أَو سَببه فقد ذكر المتكلمون وَالْفُقَهَاء فِيهِ مَا روى من قَول أبي بكر الصّديق. . للْأَنْصَار فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة: من أَنهم أَوسط الْعَرَب نسبا ودارا، وأعزهم أحسابا. . وَزَاد بَعضهم مَا كَانَ الصّديق فِي غنى عَنهُ فِي ذَلِك الْوَقْت وَأجْمع كَلَام لَهُم فِي هَذَا مَا ذكره الشَّيْخ أَحْمد ولى الله الدهاوي فِي كِتَابه (حجَّة الله الْبَالِغَة) وَفِي بعضه نظر قَالَ:

" وَالسَّبَب المفضى لهَذَا أَن الْحق الَّذِي أظهره الله على لِسَان نبيه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِنَّمَا جَاءَ بِلِسَان قُرَيْش وَفِي عاداتهم، وَكَانَ أَكثر ماتعين من الْمَقَادِير وَالْحُدُود مَا هُوَ عِنْدهم، وَكَانَ الْمعد لكثير من الْأَحْكَام مَا هُوَ فيهم، فهم أقوم بِهِ، وَأكْثر النَّاس تمسكا بذلك وَأَيْضًا فَإِن قُريْشًا قوم النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَحزبه وَلَا فَخر لَهُم إِلَّا بعلو دين مُحَمَّد [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَقد اجْتمع فيهم حمية دينية، وحيمة نسبية، فَكَانُوا مَظَنَّة الْقيام بالشرائع والتمسك بهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يجب أَن يكون الْخَلِيفَة مِمَّن لَا يستنكف النَّاس من طَاعَته لجلالة نسبه

<<  <   >  >>