للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلبه. . فليطعه إِن اسْتَطَاعَ فَإِن جَاءَ آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر " فدنوت مِنْهُ فَقلت لَهُ: أنْشدك الله آنت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ؟ فَأَهوى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلبه بيدَيْهِ وَقَالَ سمعته أذناي ووعاه قلبِي، فَقلت لَهُ هَذَا ابْن عمك مُعَاوِيَة يَأْمُرنَا أَن نَأْكُل أَمْوَالنَا بَيْننَا بِالْبَاطِلِ ونقتل أَنْفُسنَا وَالله يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما} قَالَ فَسكت سَاعَة ثمَّ قَالَ: أطعه فِي طَاعَة الله وأعصه فِي مَعْصِيّة الله. .

وَقد أعز الله الْبشر بِالْإِسْلَامِ، وَمُقْتَضى الْكتاب وَالسّنة أَنه لَا طَاعَة وَلَا خضوع فِيهِ إِلَّا لله تَعَالَى، وَطَاعَة الرَّسُول من طَاعَته لقَوْله: {من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله} وَطَاعَة أولى الْأَمر كَذَلِك لقَوْله: {وأولي الْأَمر مِنْكُم} وَلذَلِك اشْترط فِيهَا أَن تكون فِي تَنْفِيذ أصُول شَرعه أَو فروعه. . وَقد قَالَ بعض أُمَرَاء بني أُميَّة لبَعض عُلَمَاء التَّابِعين: أَلَيْسَ الله قد أَمركُم بِأَن تطيعونا فِي قَوْله: {وأولي الْأَمر مِنْكُم} ؟ فَقَالَ لَهُ: أَلَيْسَ قد نزعت عَنْكُم - يَعْنِي الطَّاعَة - إِذْ خالفتم الْحق بقوله: {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} ؟ نَقله الْحَافِظ فِي الْفَتْح: قَالَ وَمن بديع الْجَواب وَذكره. . على أَن أولى الْأَمر هُنَا الْجَمَاعَة أَي الْأمة كَمَا تقدم. .

مَا يجب على الإِمَام للملة وَالْأمة:

يجب على الإِمَام نشر دَعْوَة الْحق، وَإِقَامَة ميزَان الْعدْل، وحماية الدّين من الاعتداء والبدع، والمشاورة فِي كل مَا لَيْسَ فِيهِ نَص، وَهُوَ مسئول عَن عمله يُرَاجِعهُ كل أحد من الْأمة فِيمَا يرَاهُ أَخطَأ فِيهِ، يحاسبه عَلَيْهِ أهل الْحل وَالْعقد، وَقد قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]

" الإِمَام الَّذِي على النَّاس رَاع وَهُوَ مسئول عَن رَعيته " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ من حَدِيث لِابْنِ عمر وَغَيرهمَا. . وَقد بَين الْمَاوَرْدِيّ مَا يجب عَلَيْهِ فِي متأخرها أَشد مِمَّا قبله، فيعد الْمُتَقَدّم رَقِيقا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا بعده. . عشر قَوَاعِد كُلية لم يذكر مِنْهَا مَسْأَلَة الْمُشَاورَة، على كَثْرَة النُّصُوص فِيهَا، واستفاضة آثَار الرَّاشِدين فِي الجري عَلَيْهَا، اتبَاعا لما صَحَّ من عمل النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بهَا، قَالَ: " وَالَّذِي يلْزمه من الْأُمُور الْعَامَّة عشر أَشْيَاء:

<<  <   >  >>