للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذا استفتى عَمَّن ادّعى دَارا فِي يَد آخر، وَأقَام الْبَيِّنَة أَن الدَّار لَهُ، وَأقَام رجل آخر الْبَيِّنَة أَن الْبناء لَهُ، فَإِن أجَاب أَن الْبَيِّنَة مدعي الدَّار، أَو بَيِّنَة مدعي الْبناء، أَو يُؤْخَذ بالبينتين، فقد أَخطَأ.

وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: يسْأَل القَاضِي شُهُود الدَّار كَيفَ يشْهدُونَ، فَإِن قَالُوا: نشْهد أَن الدَّار وَالْبناء كُله لهَذَا، فَإِن الأَرْض لَهُ، وَالْبناء بَينهمَا، لِأَن الْبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا فِي حق الْبناء دون الدَّار، فَعمل بهَا بِقدر الْإِمْكَان، وَإِن قَالُوا: الأَرْض لَهُ وَلَا نَدْرِي لمن الْبناء، قضى لَهُ بِالْأَرْضِ، وَالْبناء لآخر، لِأَنَّهُ لَا تعَارض بَين الْبَيِّنَتَيْنِ هُنَا أصلا، فَعمل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا من كل وَجه.

وَإِذا استفتى عَن رجل سرق من رجلَيْنِ عشرَة دَرَاهِم، أَو من عشرَة أنفس من كل وَاحِد درهما، هَل يقطع؟ فَإِن أجَاب بِلَا، أَو بنعم ن فقد أَخطَأ.

وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن سرق من بَيت وَاحِد، بدفعة وَاحِدَة، فجَاء واكلهم وَادعوا يقطع. هَذِه الرِّوَايَة عَن مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله.

وَإِذا استفتى عَن نهر غصبه غَاصِب، هَل يجوز لمن علم بِالْغَصْبِ أَن يتَوَضَّأ مِنْهُ؟ فَإِن قَالَ: نعم، أَو لَا، فقد أَخطَأ.

وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن كَانَ النَّهر بعد فِي مَوْضِعه، لَا يكره أَن يتَوَضَّأ أَو يشرب مِنْهُ. وَلم يظْهر الْغَصْب فِي حق الْمُتَوَضِّئ والشارب بإجراء المَاء.

قَالَ أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله: هَذَا جَوَاب الْمَشَايِخ، وَلم يذكر عَن الْمُتَقَدِّمين.

وَإِذا استفتى عَمَّن أَخذ أتان رجل من الْجَبانَة بِغَيْر إِذن صَاحبه، فَاسْتَعْملهُ، ثمَّ رده إِلَى الْجَبانَة، وَكَانَ مَعَ الْحمار جحش، فَأكل الذِّئْب الجحش، هَل يضمن؟ وَإِنَّمَا اسْتعْمل الأتان خَاصَّة؟

فَالْجَوَاب فِيهِ: أَنه إِن لم يتَعَرَّض للجحش شَيْء، غير أَنه سَاق الْأُم وانساق الجحش مَعهَا ذَاهِبًا وجائيا، فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ. وَإِن كَانَ سَاق الجحش أَيْضا، فَهُوَ ضَامِن قيمَة الجحش، هَكَذَا ذكر هَاهُنَا، وَفِيه نظر. فَإِنَّهُ لم يفعل فِي الجحش على سَبِيل الْمُبَاشرَة، لكنه مسبب مُتَعَدٍّ، وَهَذَا لِأَن سوق الجحش وَنَحْوه لَا

<<  <   >  >>