للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقَاعِدَة الثَّانِيَة: أَلا يعد انْتِظَار أَرْبَاب الْحَوَائِج فِي بَابه حَقِيرًا، ويحترز عَن خطر ذَلِك، فَإِن الله تَعَالَى لَا يطْلب مِنْهُ تَأْخِير قَضَاء حوائج الْخلق.

حِكَايَة: يحْكى أَن أرسطاطاليس الْحَكِيم نصح يَوْمًا لذِي القرنين، وَقَالَ: يَا خَليفَة الله إِذا طلب أَرْبَاب الْحَوَائِج مِنْك حوائجهم، فَلَا تهاون فِي قَضَاء حوائجهم كي لَا تحرم عَن رَحْمَة الله ومغفرته.

الْقَاعِدَة الثَّالِثَة: أَلا يسْتَغْرق جَمِيع أوقاته بالشهوات النفسانية، ويجتهد أَن يكون أَكثر أوقاته مصروفا بتدبير الْملك، وتدبير الرّعية.

حِكَايَة: يحْكى أَن حكيما من حكماء اليونان نصح لملك، وَقَالَ: لَا تنم نوم الغافلين، كي لَا يحرم عَن بابك طالبو الْعدْل مِنْك، فيشكوا مِنْك إِلَى حَضْرَة الله تَعَالَى، فَحِينَئِذٍ يحصل لدولتك نقص، لِأَن دولة الْمُلُوك مثل الشَّمْس يَقع نوره فِي الصَّباح على جِدَار، وَفِي الْمسَاء على جِدَار آخر، وتزول الدولة بِأَدْنَى شَيْء من الْمعاصِي.

قَالَ الْحُكَمَاء: ثَمَانِيَة أَشْيَاء سم قَاتل، وَثَمَانِية أُخْرَى ترياقها: الدُّنْيَا سم قَاتل، والزهد فِيهَا ترياق.

وَالْمَال سم قَاتل، وَالزَّكَاة ترياق.

وَالْكَلَام كُله سم قَاتل، وَذكر الله تَعَالَى ترياق. والعمر كُله سم قَاتل، وَالطَّاعَة ترياق.

وَاللَّيْل وَالنَّهَار سم قَاتل، وَالصَّلَاة الْخمس فيهمَا ترياق.

وَجَمِيع السّنة سم قَاتل، وَشهر رَمَضَان فِيهَا ترياق.

وَالْمَعْصِيَة سم قَاتل، وَالتَّوْبَة النصوح ترياق.

وَملك الدُّنْيَا سم قَاتل، وَالْعدْل فِيهَا ترياق.

الْقَاعِدَة الرَّابِعَة: أَن يجْتَهد الْملك فِي كل أَمر أَن يحصله بالرفق والسهولة، لَا بالعنف، لِأَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - دَعَا لِلْأُمَرَاءِ، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ ارْفُقْ كل وَال رفق على رَعيته، واعنف على كل وَال عنف على رَعيته ".

<<  <   >  >>