للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَاطِلٌ، كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعَقْدِ، وَهُوَ الْخِطْبَةُ، وَمَنْ أَبْطَلَهُ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ تَحْرِيمٌ لِلْعَقْدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِهِمْ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا يَقْدَحُ فِي دِينِ الرَّجُلِ، وَعَدَالَتِهِ، وَوِلَايَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

[مَسْأَلَةٌ مَمْلُوك تَزَوَّجَ امْرَأَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ ظَهَرَتْ عُبُودِيَّتُهُ]

٤٥٣ - ٥٥ - مَسْأَلَةٌ:

فِي مَمْلُوكٍ فِي الرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ، تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَتْ عُبُودِيَّتُهُ، وَكَانَ قَدْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ لَهُ خَيْرًا فِي مِصْرَ وَقَدْ ادَّعَوْا عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ، وَحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَاقْتَرَضَ مِنْ زَوْجَتِهِ شَيْئًا، فَهَلْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَوْ لَا؟ .

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. تَزَوُّجُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إذَا لَمْ يُجِزْهُ السَّيِّدُ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» .

لَكِنْ إذَا أَجَازَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ الْعَقْدِ صَحَّ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَإِذَا طَلَبَ النِّكَاحَ فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُزَوِّجَهُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٢] وَإِذَا غَرَّ الْمَرْأَةَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ حُرٌّ وَتَزَوَّجَهَا، وَدَخَلَ بِهَا، وَجَبَ الْمَهْرُ لَهَا بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ هَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ، أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ، أَوْ يَجِبُ الْخُمُسَانِ كَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ، هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.

وَقَدْ يَتَعَلَّقُ هَذَا الْوَاجِبُ بِرَقَبَتِهِ، كَقَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>