للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ تَنَازَعَ هَؤُلَاءِ، هَلْ تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا، أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهَا تُزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، أَنَّهَا تُزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِهَا إذَا بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ، وَلَا خِيَارَ لَهَا إذَا بَلَغَتْ، لِمَا فِي السُّنَنِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ، وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا» ، وَفِي لَفْظٍ: «لَا تُنْكَحُ الْيَتِيمَةُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا» .

[مَسْأَلَةٌ لَهُ زَوْجَةٌ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ]

٤٨٥ - ٨٧ - مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وَكُلَّمَا دَعَاهَا الرَّجُلُ إلَى فِرَاشِهِ تَأْبَى عَلَيْهِ، وَتُقَدِّمُ صَلَاةَ اللَّيْلِ، وَصِيَامَ النَّهَارِ عَلَى طَاعَةِ الزَّوْجِ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ .

الْجَوَابُ: لَا يَحِلُّ لَهَا ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُطِيعَهُ إذَا طَلَبَهَا إلَى الْفِرَاشِ وَذَلِكَ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، وَأَمَّا قِيَامُ اللَّيْلِ وَصِيَامُ النَّهَارِ فَتَطَوُّعٌ، فَكَيْفَ تُقَدِّمُ مُؤْمِنَةٌ النَّافِلَةَ عَلَى الْفَرِيضَةِ؟ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَفْظُهُمْ: «لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِإِذْنِهِ» .

فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ تَطَوُّعًا إذَا كَانَ زَوْجُهَا شَاهِدًا إلَّا بِإِذْنِهِ فَتَمْنَعُ بِالصَّوْمِ بَعْضَ مَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهَا إذَا طَلَبَهَا فَامْتَنَعَتْ؟ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دَعَا الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ لَعَنَتْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>