للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّورُ وَالْهُدَى عَلَى مَا بُعِثَ بِهِ؛ وَعُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ دُونَهُ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ؛ وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨] . وَهَذَا التَّحَدِّي وَالتَّعْجِيزُ. ثَابِتٌ فِي لَفْظِهِ وَنَظْمِهِ وَمَعْنَاهُ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَمِنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ: مَا تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ مِنْ مَسَائِلِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّك تَجِدُ الْأَقْوَالَ فِي ثَلَاثَةٍ: قَوْلٌ فِيهِ آصَارٌ وَأَغْلَالٌ. وَقَوْلٌ فِيهِ خِدَاعٌ وَاحْتِيَالٌ. وَقَوْلٌ فِيهِ عِلْمٌ وَاعْتِدَالٌ. وَقَوْلٌ يَتَضَمَّنُ نَوْعًا مِنْ الظُّلْمِ وَالِاضْطِرَابِ. وَقَوْلٌ يَتَضَمَّنُ نَوْعًا مِنْ الظُّلْمِ وَالْفَاحِشَةِ وَالْعَارِ. وَقَوْلٌ يَتَضَمَّنُ سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. وَتَجِدُهُمْ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ بِالنَّذْرِ؛ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ يُسْقِطُ أَيْمَانَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَجْعَلُهَا بِمَنْزِلَةِ أَيْمَانِ الْمُشْرِكِينَ. وَقَوْلٌ يَجْعَلُ الْأَيْمَانَ اللَّازِمَةَ لَيْسَ فِيهَا كَفَّارَةٌ وَلَا تَحِلَّةٌ، كَمَا كَانَ شَرْعُ غَيْرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ. وَقَوْلٌ يُقِيمُ حُرْمَةَ أَيْمَانِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ؛ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَيْمَانِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْأَوْثَانِ، وَيَجْعَلُ فِيهَا مِنْ الْكَفَّارَةِ وَالتَّحْلِيلِ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ وَالتَّنْزِيلُ وَاخْتَصَّ بِهِ أَهْلُ الْقُرْآنِ دُونَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَهَذَا هُوَ الشَّرْعُ الَّذِي جَاءَ بِهِ خَاتَمُ الْمُرْسَلِينَ، وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ؛ وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ - الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ؛ وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

[مَسْأَلَةٌ طَلَاق السَّكْرَان]

٥٤٧ - ١٠ - مَسْأَلَةٌ:

سُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ السَّكْرَانِ غَائِبِ الْعَقْلِ، هَلْ يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَمْ لَا؟

أَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ فَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ السَّكْرَانِ وَلَا يَقَعُ أَيَّةُ طَلَاقٍ إذَا طَلَّقَ، هَذَا ثَابِتٌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ فِيمَا أَعْلَمُ. وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ إحْدَى

<<  <  ج: ص:  >  >>