للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي بَيْتِهِ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ وَيُبْصِرُهَا وَتُبْصِرُهُ، فَهَلْ يَحِلُّ لَهَا الْأَكْلُ الَّذِي تَأْكُلُ مِنْ عِنْدِهِ أَمْ لَا وَهَلْ لَهُ عَلَيْهَا حُكْمٌ؟

الْجَوَابُ: الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا هِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْ الرَّجُلِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَجْنَبِيَّاتِ، فَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا إلَى مَا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا حُكْمٌ أَصْلًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَاطِئَهَا عَلَى أَنْ تُزَوَّجَ غَيْرَهُ ثُمَّ تُطَلِّقَهُ وَتَرْجِعُ إلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا تُنْفِقُهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا غَيْرَهُ بِالنِّكَاحِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ يَجُزْ لِهَذَا الْأَوَّلِ أَنْ يَخْطُبَهَا فِي الْعِدَّةِ صَرِيحًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: ٢٣٥] .

وَنَهَاهُ أَنْ يَعْزِمَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ أَيْ حَتَّى تَقْضِيَ الْعِدَّةَ فَإِذَا كَانَ قَدْ نَهَاهُ عَنْ هَذِهِ الْمُوَاعَدَةِ وَالْعَزْمِ فِي الْعِدَّةِ، فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا، فَكَيْفَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا بَعْدُ تَوَاعَدُ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ ثُمَّ تُطَلِّقَهُ وَيَتَزَوَّجَ بِهَا الْمُوَاعِدُ، فَهَذَا حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ قِيلَ: إنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ أَوْ قِيلَ: لَا. فَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ التَّصْرِيحَ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مُتَزَوِّجَةٍ بِغَيْرِهِ أَوْ بِخِطْبَةِ مُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.

٦٠٨ - ٧١ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ مُدَّةِ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَرُزِقَ مِنْهَا وَلَدًا لَهُ مِنْ الْعُمُرِ سَنَتَانِ، وَذَكَرَتْ أَنَّهَا لَمَّا تَزَوَّجَتْ لَمْ تَحِضْ إلَّا حَيْضَتَيْنِ، وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ، وَكَانَ قَدْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا عَلَى هَذَا الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ: فَهَلْ يَجُوزُ الطَّلَاقُ عَلَى هَذَا الْعَقْدِ الْمَفْسُوخِ؟

الْجَوَابُ: إنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي كَوْنِهَا تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَالنِّكَاحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>