للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ: الْإِيَاسُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ؛ لَكِنْ هَذِهِ إذَا قَالَتْ إنَّهُ ارْتَفَعَ لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ فَإِنَّهَا تُؤَجَّلُ سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا زُوِّجَتْ. وَإِذَا طَعَنَتْ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى تَأْجِيلٍ. وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ حَيْضَهَا ارْتَفَعَ بِمَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَزُولَ الْعَارِضُ.

فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ كَانَ عَلَيْهَا " عِدَّتَانِ ": عِدَّةٌ لِلْأَوَّلِ، وَعِدَّةٌ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي. وَنِكَاحُهُ. فَاسِدٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَاقٍ، فَإِذَا لَمْ تَحِضْ إلَّا مَرَّةً وَاسْتَمَرَّ انْقِطَاعُ الدَّمِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ الْعِدَّتَيْنِ بِالشُّهُورِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ بَعْدَ فِرَاقِ الثَّانِي إذَا كَانَتْ آيِسَةً. وَإِذَا كَانَتْ مُسْتَرِيبَةً كَانَ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْعِدَّتَيْنِ لَا تَتَدَاخَلَانِ: كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَتَدَاخَلُ الْعِدَّتَانِ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لَكِنْ عِنْدَهُ الْإِيَاسُ حُدَّ بِالسِّنِّ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ أَحْسَنُ قَوْلَيْ الْفُقَهَاءِ وَأَسْهَلُهُمَا، وَبِهِ قَضَى عُمَرُ وَغَيْرُهُ.

وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَهَذِهِ الْمُسْتَرِيبَةُ تَبْقَى فِي عِدَّةٍ حَتَّى تَطْعَنَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ، فَتَبْقَى عَلَى قَوْلِهِمْ تَمَامَ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ سَنَةً لَا تَتَزَوَّجُ. وَلَكِنْ فِي هَذَا عُسْرٌ وَحَرَجٌ فِي الدِّينِ، وَتَضْيِيعُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.

٦١٢ - ٧٥ مَسْأَلَةٌ:

فِي امْرَأَةٍ كَانَتْ تَحِيضُ وَهِيَ بِكْرٌ، فَلَمَّا تَزَوَّجَتْ وَلَدَتْ سِتَّةَ أَوْلَادٍ وَلَمْ تَحِضْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ مُرْضِعٌ، وَأَقَامَتْ عِنْدَ أَهْلِهَا نِصْفَ سَنَةٍ وَلَمْ تَحِضْ، وَجَاءَ رَجُلٌ يَتَزَوَّجُهَا غَيْرَ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، فَحَضَرُوا عِنْدَ قَاضٍ مِنْ الْقُضَاةِ، فَسَأَلَهَا عَنْ الْحَيْضِ؟ فَقَالَتْ: لِي مُدَّةُ سِنِينَ مَا حِضْت فَقَالَ الْقَاضِي: مَا يَحِلُّ لَك عِنْدِي زَوَاجٌ، فَزَوَّجَهَا حَاكِمٌ آخَرُ وَلَمْ يَسْأَلْهَا عَنْ الْحَيْضِ، فَبَلَغَ خَبَرُهَا إلَى قَاضٍ آخَرَ، فَاسْتَحْضَرَ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ، فَضَرَبَ الرَّجُلَ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَقَالَ: زَنَيْت، وَطَلَّقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ فَهَلْ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ؟

الْجَوَابُ: إنْ كَانَ قَدْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا بِمَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ حَتَّى يَزُولَ الْعَارِضُ وَتَحِيضَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ وَإِنْ كَانَ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ فَهَذِهِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ: تَمْكُثُ سَنَةً، ثُمَّ تُزَوَّجُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>