للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَادِيثَهُمْ فِي الصَّحِيحِ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ وَرَوَى هَذَا الْبُخَارِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ؛ وَهِيَ مُسْتَفِيضَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَلَقَّاةٌ بِالْقَبُولِ، أَجْمَعَ عَلَيْهَا عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ، وَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجِ.

وَأَمَّا " أَهْلُ الْجَمَلِ، وَصِفِّينَ " فَكَانَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ قَاتَلَتْ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَأَكْثَرُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ لَمْ يُقَاتِلُوا لَا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَلَا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ، وَاسْتَدَلَّ التَّارِكُونَ لِلْقِتَالِ بِالنُّصُوصِ الْكَثِيرَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ، وَبَيَّنُوا أَنَّ هَذَا قِتَالُ فِتْنَةٍ.

وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَسْرُورًا لِقِتَالِ الْخَوَارِجِ، وَيَرْوِي الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ؛ وَأَمَّا قِتَالُ " صِفِّينَ " فَذَكَرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ فِيهِ نَصٌّ؛ وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ رَآهُ، وَكَانَ أَحْيَانًا يَحْمَدُ مَنْ لَمْ يَرَ الْقِتَالَ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَسَنِ: إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» " فَقَدْ مَدَحَ الْحَسَنَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِإِصْلَاحِ اللَّهِ بِهِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ: أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ أَحْسَنَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا.

" وَقِتَالُ الْخَوَارِجِ " قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ، وَحَضَّ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يُسَوِّي بَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ مَا مَدَحَ تَارِكَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ؟ ،،. فَمَنْ سَوَّى بَيْنَ قِتَالِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ اقْتَتَلُوا بِالْجَمَلِ وَصِفِّينَ، وَبَيْنَ قِتَالِ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِنْ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ، وَالْحَرُورِيَّةِ الْمُعْتَدِينَ: كَانَ قَوْلُهُمْ مِنْ جِنْسِ أَقْوَالِ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ الْمُبِينِ. وَلَزِمَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَصِيرَ مِنْ جِنْسِ الرَّافِضَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ أَوْ يُفَسِّقُونَ الْمُتَقَاتِلِينَ بِالْجَمَلِ وَصِفِّينَ، كَمَا يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ؛ فَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فِي كُفْرِهِمْ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى الصَّحَابَةِ الْمُقْتَتِلِينَ بِالْجَمَلِ وَصِفِّينَ، وَالْإِمْسَاكِ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ. فَكَيْفَ نُشَبِّهُ هَذَا بِهَذَا؟ ،، وَأَيْضًا «فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ» قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلُوا.

وَأَمَّا " أَهْلُ الْبَغْيِ " فَإِنَّ اللَّهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>