للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ الشَّرْطُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْعَقْدِ]

ِ الشَّرْطُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَارِنِ لَهُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي صَدَاقِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَنَقَلُوهُ إلَى شَرْطِ التَّحْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ، وَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ لَا يُؤَثِّرُ بَلْ يَكُونُ، كَالْوَعْدِ الْمُطْلَقِ عِنْدَهُمْ يَسْتَحِيلُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ قَدْ يَخْتَارُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، كَاخْتِيَارِ بَعْضِهِمْ أَنَّ التَّحْلِيلَ الْمَشْرُوطَ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا أَنْ يُفَوِّتُهُ الزَّوْجُ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَكَقَوْلِ طَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْهُمْ بِمَا نَقَلُوهُ عَنْ أَحْمَدَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْعَقْدِ فِي الصَّدَاقِ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ التَّسْمِيَةُ فِي الْعَقْدِ، وَمِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ طَائِفَةٌ، كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ الرَّافِعِ لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ أَوْ الْمُغَيِّرِ لَهُ، فَإِنْ كَانَ رَافِعًا، كَالْمُوَاطَأَةِ عَلَى كَوْنِ الْعَقْدِ تَلْجِئَتَهُ، أَوْ تَحْلِيلًا أَبْطَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مُغَيِّرًا كَاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَهْرِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ.

لَكِنْ الْمَشْهُورُ فِي نُصُوصِ أَحْمَدَ وَأُصُولِهِ، وَمَا عَلَيْهِ قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ، كَقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ كَالشَّرْطِ الْمُقَارِنِ، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ وَعُقِدَ الْعَقْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَصْرُوفٌ إلَى الْمَعْرُوفِ بَيْنَهُمَا مِمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، كَمَا تَنْصَرِفُ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فِي الْعُقُودِ إلَى الْمَعْرُوفِ بَيْنَهُمَا، وَكَمَا أَنَّ جَمِيعَ الْعُقُودِ إنَّمَا تَنْصَرِفُ إلَى مَا يَتَعَارَفُهُ الْمُتَعَاقِدَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>