للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. يَجِبُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي مَصْرِفِهِ؛ فَيُقَدِّمَ الْأَحَقَّ فَالْأَحَقَّ.

وَإِذَا قَدَّرَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الشَّرْعِيَّةَ اقْتَضَتْ صَرْفَهُ إلَى ثَلَاثَةٍ مِثْلَ أَنْ لَا يَكْفِيَهُمْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ؛ فَلَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ. وَإِذَا كَفَاهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ مَعَهُمْ؛ وَيُسَاوِيهِمْ مِمَّا يُحَصِّلُ مِنْ رَيْعِهِ، وَهُمْ أَحَقُّ مِنْهُ عِنْدَ التَّزَاحُمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَقَارِبُ الْوَاقِفِ الْفُقَرَاءِ أَوْلَى مِنْ الْفُقَرَاءِ الْأَجَانِبِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْحَاجَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ إلَيْهِ كِفَايَتَهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ. وَإِذَا قَدَّرَ وُجُودَ فَقِيرٍ مُضْطَرٍّ كَانَ دَفْعُ ضَرُورَتِهِ وَاجِبًا. وَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِتَنْقِيصِ كِفَايَةِ أُولَئِكَ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَحْصُلُ لَهُمْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ وَلَّى ذَا شَوْكَةٍ عَلَى وَقْفٍ مِنْ مَسَاجِدَ]

٨٩٣ - ٥٢ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ وَلَّى ذَا شَوْكَةٍ عَلَى وَقْفٍ مِنْ مَسَاجِدَ وَرُبُطٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، اعْتِمَادًا عَلَى دِينِهِ، وَعِلْمًا بِقَصْدِهِ لِلْمَصْلَحَةِ. فَعِنْدَ تَوْلِيَتِهِ - وَجَدَ تِلْكَ الْوُقُوفَ عَلَى غَيْرِ سَنَنٍ مُسْتَقِيمٍ، وَيَتَعَرَّضُ إلَيْهَا - كُرِهَ مُبَاشَرَتُهَا؛ لِئَلَّا يَقَعَ الطَّمَعُ فِي مَالِهَا، وَغَيْرُ مُلْتَفِتِينَ إلَى صَرْفِهَا فِي اسْتِحْقَاقِهَا. وَهُمْ مِثْلُ الْقَاضِي، وَالْخَطِيبِ وَإِمَامِ الْجَامِعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مِنْ عُمُومِ الْوَقْفِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا عَاجِزٌ عَنْ صَدِّ التَّعَرُّضِ عَنْهَا، وَمَعَ اجْتِهَادِهِ فِيهَا وَمُبَالَغَتِهِ. فَهَلْ يَحِلُّ لِلسَّائِلِ عَزْلُ نَفْسِهِ عَنْهَا، وَعَنْ الْقِيَامِ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ مَصَالِحِهَا؛ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ بِأُجْرَةٍ يَكْثُرُ التَّعَرُّضُ فِيهَا، وَالطَّمَعُ فِي مَالِهَا.

وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ تَنَاوُلُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ مِنْهَا مَعَ كَوْنِهِ ذَا عَائِلَةٍ، وَعَاجِزًا عَنْ تَحْصِيلِ قُوتِهِمْ مِنْ غَيْرِهَا؟ وَهَلْ يَحِلُّ لِلنَّاظِرِ إذَا وَجَدَ مَكَانًا خَرِبًا أَنْ يَصْرِفَ مَالَهُ فِي مَصْلَحَةِ غَيْرِهِ عِنْدَ تَحَقُّقِهِ بِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ مَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَقُومَ بِعِمَارَتِهِ؟ وَهَلْ إذَا فَضَلَ عَنْ جِهَتِهِ شَيْءٌ مِنْ مِلْكِهَا صَرَفَهُ إلَى مُهِمٍّ غَيْرِهِ، وَعِمَارَةٍ لَازِمَةٍ يُمْكِنُ أَنْ تَحْفَظَهُ لِكَثْرَةِ التَّعَرُّضِ إلَيْهِ أَمْ لَا؟

أَجَابَ: أَصْلُ هَذِهِ إنَّمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ طَاعَتِهِ وَتَقْوَاهُ مَشْرُوطٌ بِالْقُدْرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] .

وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» . وَلِهَذَا جَاءَتْ الشَّرِيعَةُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ بِتَحْصِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>