للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ، وَاشْتُهِرَتْ الْقَضِيَّةُ، وَلَمْ تُنْكَرْ.

وَأَمَّا مَا وُقِفَ لِلْغَلَّةِ إذَا أُبْدِلَ بِخَيْرٍ مِنْهُ: مِثْلَ أَنْ يَقِفَ دَارًا أَوْ حَانُوتًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ قَرْيَةً يَكُونُ مُغَلُّهَا قَلِيلًا فَيُبْدِلَهَا بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ: فَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ: مِثْلَ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ حربويه، قَاضِي مِصْرَ، وَحُكِمَ بِذَلِكَ.

وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي تَبْدِيلِ الْمَسْجِدِ مِنْ عَرْصَةٍ إلَى عَرْصَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ؛ بَلْ إذَا جَازَ أَنْ يُبْدِلَ الْمَسْجِدَ بِمَا لَيْسَ بِمَسْجِدٍ لِلْمَصْلَحَةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَسْجِدُ سُوقًا فَلَأَنْ يَجُوزَ إبْدَالُ الْمُسْتَغَلِّ بِمُسْتَغَلٍّ آخَرَ أَوْلَى وَأَحْرَى. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي إبْدَالِ الْهَدْيِ بِخَيْرٍ مِنْهُ. وَقَدْ نُصَّ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ اللَّاصِقَ بِأَرْضٍ إذَا رَفَعُوهُ وَبَنَوْا تَحْتَهُ سِقَايَةً، وَاخْتَارَ ذَلِكَ الْجِيرَانُ فُعِلَ ذَلِكَ. لَكِنْ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ مَنَعَ إبْدَالَ الْمَسْجِدِ وَالْهَدْيِ وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لَكِنَّ النُّصُوصَ وَالْآثَارَ وَالْقِيَاسَ تَقْتَضِي جَوَازَ الْإِبْدَالِ لِلْمَصْلَحَةِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ أَوْقَفَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَهُوَ مِنْ كُرُومٍ يَحْصُلُ لِأَصْحَابِهَا ضَرَرٌ بِهِ]

٩٢٧ - ٨٦ مَسْأَلَةٌ:

فِيمَنْ أَوْقَفَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَهُوَ مِنْ كُرُومٍ يَحْصُلُ لِأَصْحَابِهَا ضَرَرٌ بِهِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ وَيَقِفَ غَيْرَهُ؟ وَهَلْ إذَا فَعَلَ يَكُونُ الِاثْنَانِ وَقْفًا؟

الْجَوَابُ: إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْجِيرَانِ جَازَ أَنْ يُنَاقِلَ عَنْهُ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَيَعُودُ الْأَوَّلُ مِلْكًا، وَالثَّانِي وَقْفًا، كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ لَمَّا جَعَلَ مَكَانَهُ مَسْجِدًا صَارَ الْأَوَّلُ سُوقًا لِلتَّمَّارِينَ.

[مَسْأَلَةٌ حَوْضِ سَبِيلٍ وَعَلَيْهِ وَقْفٌ إسْطَبْلٌ وَقَدْ بَاعَهُ النَّاظِرُ وَلَمْ يَشْتَرِ بِثَمَنِهِ شَيْئًا مِنْ مُدَّةِ سِتِّ سِنِينَ]

٩٢٨ - ٨٧ مَسْأَلَةٌ:

فِي حَوْضِ سَبِيلٍ، وَعَلَيْهِ وَقْفٌ إسْطَبْلٌ، وَقَدْ بَاعَهُ النَّاظِرُ، وَلَمْ يَشْتَرِ بِثَمَنِهِ شَيْئًا مِنْ مُدَّةِ سِتِّ سِنِينَ. فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. أَمَّا بَيْعُهُ بِغَيْرِ اسْتِبْدَالٍ لِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ لِتَعَطُّلِ نَفْعِهِ وَاشْتَرَى بِالثَّمَنِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَهَذَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ اسْتَبْدَلَ بِهِ خَيْرًا مِنْهُ مَعَ وُجُودِ نَفْعِهِ فَفِيهِ نِزَاعٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>