للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَإِهْدَائِهَا فَهَذَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَلَا إذْنَ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ إذَا كَانَتْ بِأُجْرَةٍ كَانَتْ مُعَاوَضَةً، فَلَا يَكُونُ فِيهَا أَجْرٌ، وَلَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يَصِلُ إلَيْهِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى مُجَرَّدِ التِّلَاوَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التَّعْلِيمِ.

لَكِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ إذَا أَرَادَتْ نَفْعَ زَوْجِهَا فَلْتَتَصَدَّقْ عَنْهُ بِمَا تُرِيدُ الِاسْتِئْجَارَ بِهِ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَيَنْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا. وَإِنْ تَصَدَّقْت بِذَلِكَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ الْفُقَرَاءِ لِيَسْتَغْنُوا بِذَلِكَ عَنْ قِرَاءَتِهِمْ حَصَلَ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا أُعِينُوا عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَيَنْفَعُ اللَّهُ الْمَيِّتَ بِذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ مَسْجِدٍ عَلَيْهِ وَقْفٌ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ حِكْرٌ وَأَوْصَى قَبْلَ وَفَاتِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَيُشْتَرَى الْحِكْرُ]

٩٥٢ - ١٧ وَسُئِلَ: عَنْ مَسْجِدٍ لِرَجُلٍ، وَعَلَيْهِ وَقْفٌ، وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ حِكْرٌ؛ وَأَوْصَى قَبْلَ وَفَاتِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَيُشْتَرَى الْحِكْرُ الَّذِي لِلْوَقْفِ، فَتَعَذَّرَ مُشْتَرَاهُ؛ لِأَنَّ الْحِكْرَ وَقْفٌ، وَلَهُ وَرَثَةٌ وَهُمْ ضُعَفَاءُ الْحَالِ، وَقَدْ وَافَقَهُمْ الْوَصِيُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الثُّلُثِ لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ: فَهَلْ إذَا تَأَخَّرَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ لِلْأَيْتَامِ يَتَعَلَّقُ فِي ذِمَّةِ الْوَصِيِّ؟

فَأَجَابَ: بَلْ عَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ جَمِيعَ الثُّلُثِ كَمَا أَوْصَاهُ الْمَيِّتُ؛ وَلَا يَدَعُ لِلْوَرَثَةِ شَيْئًا. ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ شِرَاءُ الْأَرْضِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْمُوصِي اشْتَرَاهَا وَوَقَفَهَا. وَإِلَّا اشْتَرَى مَكَانًا آخَرَ وَوَقَفَ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي وَصَّى بِهَا الْمُوصِي؛ كَمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا قَالَ: بِيعُوا غُلَامِي مِنْ زَيْدٍ، وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ. فَامْتَنَعَ فُلَانٌ مِنْ شِرَائِهِ؛ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ، فَالْوَصِيَّةُ بِشِرَاءٍ مُعَيَّنٍ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ لِوَقْفٍ كَالْوَصِيَّةِ بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ هُنَا جِهَةُ الصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ؛ وَالتَّعَيُّنُ إذَا فَاتَ قَامَ بَدَلُهُ مَقَامَهُ؛ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْوَقْفَ مُتْلِفٌ، أَوْ أَتْلَفَ الْمُوصَى بِهِ مُتْلِفٌ؛ فَإِنَّ بَدَلَهُمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا فِي ذَلِكَ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُوصَى بِهِ وَالْمَوْقُوفِ؛ وَبَيْنَ بَدَلِ الْمُوصَى لَهُ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ وَصَّى أَنْ يُعْتَقَ عَبْدُهُ الْمُعَيَّنُ، أَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ الْمُعَيَّنُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ.

وَتَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ إذَا وَصَّى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ بِكَذَا فَامْتَنَعَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ مِنْ الْحَجِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>